12/04/2007

المرأة والهاتف.. عشق لا ينقطع

بقلم: أيمن المصري

انطلاقاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة"، وقوله أيضاً: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، أعرض على إخواني الأزواج - لاسيما حديثي العهد - جملة من النصائح تكون لهم عوناً على تخطّي الصعاب في حياتهم الزوجية. وسيتركز الحديث في هذه السطور على مشكلة محدّدة يواجهها كثير من الأزواج، هي علاقة العشق الحميم بين المرأة والهاتف. وقديماً قيل في المثل الشعبي: "إياك أن تسلّم امرأة تليفون، وشيخاً ميكروفون".. مستسمحاً من مشايخنا الأجلاء.
إذا كنت – أخي القارئ - ممن ابتلاهم الله بزوجة تطيل الحديث على الهاتف.. فاسمع مني هذه الوصفة التي تساعدك على التخلص من تلك المشكلة.
دعنا نقسّم علاج المشكلة إلى قسمين: ما يخصّ الزوجة نفسها، وما يتعلق بالظروف المحيطة.

لنؤجّل علاج القسم الأول، حيث إن الإنسان يميل بطبعه لتقديم الأسهل على الأصعب، ولنبدأ بتهيئة الظروف المحيطة:
1- احرص أن تثبت جهاز الهاتف في غرفة عامّة في المنزل، كالصالون مثلاً، وتأكد من أن تبعد من حوله أيّ وسيلة من وسائل الراحة، كالكرسي أو الكنبة. والهدف – كما هو واضح - أن يتعب المتكلم واقفاً (أقصد المتكلمة واقفة)، فتضطر إلى قصر الحديث. ولا يفوتك، ليكن شريط الهاتف قصيراً، منعاً لوصول الجهاز إلى الكنبة المقابلة، فتجلس حرمك المصون مستريحة مسترسلة في الحديث.. وهذا ليس في مصلحتك.

2- احذر شراء جهاز الـ Handy (الهاتف المنزلي النقال)، لأن وجوده يعني أن الأحاديث الهاتفية مستمرة في المطبخ وغرفة الجلوس والصالون… وبالتالي فإن أختنا الكريمة لن تضطر إلى ترك الطبخ أو ترتيب المنزل لتجيب على الهاتف، بل ستتحدث خلال عملها أو متابعتها أحد المسلسلات التلفزيونية اليومية. ومن يدري، فقد تشتري جهاز "بلوتوث" تثبّته على أذنها، وبذلك فهي تحرّر يدها أيضاً من عبء حمل الجهاز. سلّم الله يدها من التعب.
إن كنت قد اشتريت هذا الجهاز لبيتك عن براءة ودون علم بمضارّه المستقبليّة.. فثق أن خسارة ثمنه إذا قررت رميه من النافذة – مثلاً، والأمر لك – أهون من الحفاظ عليه سليماً. مستسمحاً من شركات بيع هذا النوع من الأجهزة.

3- كلما قلّلت من عدد أجهزة الهاتف في منزلك فإنك تخفف من آثار المشكلة، فليس ضرورياً أن يكون في غرفة النوم جهاز وآخر في المطبخ وثالث في غرفة الجلوس… وكما ورد في القاعدة الفقهية: درء المفاسد أولى من جلب المنافع.
سارع - عزيزي الزوج الجديد - إلى تنفيذ هذه الإجراءات إذا كنت في مرحلة تهيئة البيت الزوجي. وعليك بطبيعة الحال أن تحضّر أجوبة مقنعة تبرر بها لزوجتك - وقبلها حماتك – أفعالك الغريبة هذه.

الخطة باء
وإذا لم تنفع هذه التحضيرات الاحترازية لتجنّب المشكلة، أو إذا كنت زوجاً عتيقاً قطعت مرحلة متقدمة يصعب معها تنفيذ تلك الحملة الميدانية، فأنت مضطر أن تنتقل معي إلى الإجراءات التالية المتعلقة بشكل أساسي بالزوجة نفسها، أو لنقل المرأة نفسها، كي لا يفهم من الكلام أننا نفتري على الزوجة تحديداً.

الخطوة الأولى، بالكلمة الطيبة. وهذا هو الأصل في التعامل بين الزوجين كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال: "أوصيكم بالنساء خيراً". حاول أن تقنع زوجتك بالحسنى بأن استخدام الهاتف هو للاحتياجات الضرورية وأنه وسيلة تواصل لحفظ العلاقات الاجتماعية بين الأهل والأقارب والأصدقاء. كما أن الهاتف لم يتمّ اختراعه للسمر أو التعليق على المسلسلات أو تحضير الطبخات والقيل والقال. وأكّد لزوجتك أن المشكلة لا تتمثل بكلفة الاتصال بل بسوء استخدام آلة التواصل هذه وتعطيل الإفادة من وجودها. جرّب حظك بهذه الخطوة الأولى، فإن تجاوبت زوجتك بالإقناع الرزين والكلام الطيب، فاحمد الله على هذه النعمة صباح مساء، فأنت ممّن أنعم الله عليهم بزوجة قلّ نظيرها.. عضّ عليها بالنواجذ. ولا داعي لمتابعة قراءة الخطوات التالية.

الخطوة الثانية، احرص عند اتصالك بزوجتك أو اتصالها بك أن تكون قليل الكلام مقتصراً في الحديث على الضروريّ منه، وإذا حاولت أن تفتح حديثاً عادياً غير مستعجل، فاطلب منها تأجيله حتى عودتك للبيت. فأنت بذلك تعلّمها بشكل عمليّ أن الهاتف هو للضرورة وليس للمسامرة.

الخطوة الثالثة، إذا غلب الطبع التطبع ولم تستجب زوجتك لما سبق، واستمرت معاناتك مع الخط المشغول كلما حاولت الاتصال بالبيت، فأنت مضطر للانتقال إلى الإجراء التالي. توجّه إلى أقرب مركز لشركة الهاتف، وتقدّم بطلب حصر الاتصال بأرقام محددة، لنقل إنها: رقمك الخاص، رقم عملك، رقم بيت أهلك (طبعاً هي لن تستخدمه)، رقم بيت أهلها (أكثر الأرقام استخداماً)، ورقم صديقة واحدة لها ليس أكثر.. وبذلك فأنت تضيّق مساحة الاستخدام وتحصر الخسائر، مع ترك نافذة لها تمارس من خلالها هوايتها المفضّلة. وكي تختبر مدى التزام زوجتك، اتصل بالبيت في أوقات مختلفة من النهار، وحجّتك أنك تريد الاطمئنان على زوجتك الحبيبة والسؤال عن أحوالها.

الخطوة الرابعة: بطبيعة الحال لا يمكنك إلغاء الاشتراك، فالهاتف بات ضرورة ملحّة لكل بيت، وليس حلاً أن تحمّل زوجتك قيمة الفاتورة فالمشكلة ليست في الفاتورة، فنحن لا نعالج المشكلة من منطلق توفيري أو بخل كما أسلفنا. هناك خدمة يمكن أن تلجأ إليها، توجّه مرة ثانية إلى مركز خدمة الهاتف، وتقدّم بطلب تحديد وقت الاتصال، بخمس دقائق أو عشر مثلاً كحدّ أقصى، (أعرف بعض الأزواج يرضون بالثلاثين دقيقة). وعند بلوغ المدة المحدّدة بها، يفصل الخط تلقائياً. أرجو أن تكون هذه الخدمة متوفرة في جميع الدول.

الخطوة الخامسة، إذا لم تفلح كل الإجراءات السابقة في معالجة المشكلة، فأخشى أنك مضطر للتوجّه مجدداً إلى مركز شركة الهاتف، وتقديم طلب إلغاء خاصية الاتصال وحصر استخدام الهاتف بالاستقبال فقط.

آخر الدواء..
الخطوة السادسة، قد ترضى المتصلة (في الطرف الآخر) أن تضحّي وتكون هي المتصلة دوماً. ماذا تفعل؟ لقد سدّت بك السبل، يمكنك اللجوء أخي الزوج المبتلى إلى أحد الإجراءات التالية، تاركاً لضميرك تنفيذ أحدها أو لا:
- وضع مادة لاصقة شفّافة على سمّاعة الجهاز، يعمل مفعولها بعد ربع ساعة مثلاً.
- أو بعد الوقت المحدد، تصدر السمّاعة دوياً أو جرساً قوياً يشنّف أذن حاملتها.
- إذا وصلت حرارة السمّاعة إلى درجة معينة، فإنها تنفث دخاناً كثيفاً أو رائحة كريهة، تجبر حامل السمّاعة على تركها وقطع الاتصال.

الأفكار كثيرة في هذا السياق، أترك للقارئ الكريم اقتراحها، وأدعوه ليطلق العنان لإبداعاته، فكل زوج أدرى بما يمكن أن يصلح زوجته، شرط تجنّب جرح مشاعر الزوجة، فهنّ قواريرنا، وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن معاملتهنّ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق