2/13/2023

في اليوم العالمي للإذاعة.. دعوة لتحديث المفهوم

لطالما ردّدنا سابقاً أن الراديو سيظل حاضراً في حياتنا اليومية مهما تطورت وسائل الإعلام، وذلك لتميز الراديو بخصائص ليست موجودة في بقية أنواع وسائل الإعلام التقليدي (المكتوب والمرئي) والإعلام الجديد (New media).. ومن أهم خصائص الراديو أن استخدامه لا يتطلب تشغيل حاسة البصر، فهو آلة سمعية فقط، حيث يمكن إنجاز الأعمال (قيادة السيارة أو أعمال مهنية أو منزلية) خلال الاستماع له. هذه الميزة يتفرد بها الراديو عن غيره، فلا يمكن قراءة الصحيفة أو مقالة على النت خلال إنجاز أعمال أخرى، لأنها تحجز حاسة البصر، والأمر نفسه بالنسبة للتلفزيون الذي يحجز حاستي السمع والبصر عند متابعته.

لكن اليوم، ومع تمسكنا بتفرّد الراديو بهذه الميزة، لكن الثورة المعلوماتية في أدوات الاتصال، طرحت أدوات إعلامية جديدة تتوفر فيها ميزة الراديو ومضافة لها ميزات أخرى، ما يجعلنا نتجاوز مصطلح الراديو إلى "الإعلام المسموع"، أي المادة الصوتية التي يتلقاها الجمهور.

هذه الوسيلة الجديدة هي Podcast التي حافظت على ميزات الراديو من أنها أداة سمعية يمكن خلال متابعتها إنجاز الأعمال أو قيادة السيارة، وأضافت لها ميزات أخرى تتماهى مع ما يحتاجه المستمع وما يختاره هو من برامج للاستماع بحسب رغباته واهتماماته، وأيضاً تراعي وقت المستمع، حيث تركت له أن يختار هو الوقت الذي يناسبه لمتابعة برامجه المفضلة.

فمعلوم أن خدمة "البودكسات" تتيح للمستخدم الاشتراك (المجاني طبعاً) بصفحات ومنصات من اختياره، وتتيح تنزيل الحلقات على الموبايل، بحيث يمكن للمستخدم أن يستمع لبرنامجه بحسب وقته هو، خلال انتظار موعد ما، أو خلال قيادة السيارة، أو خلال ساعات فراغه...

إذن، وفي اليوم العالمي للإذاعة (World Radio Day)، الذي أعلنته منظمة اليونسكو عام 2011، ثم اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012، للتأكيد على دوره الإيجابي (الراديو) في المجتمعات.. أجد أنه بات لزاماً تحديث المفهوم والمصطلح في هذه المناسبة.. ففي السابق كان يمكن للراديو أن يكون ممثلاً وحيداً للمحتوى الإعلامي المسموع، لكن اليوم لم تعد الحصرية للراديو، ولم يعد بالإمكان تجاهل التطور التقني في أدوات الاتصال.. وبالتالي علينا اختيار كلمة أرحب للتعبير عن المحتوى المسموع، فنحافظ على ميزات الراديو – أو الإذاعة – ونتماشى مع التحول الرقمي القائم في مجتمعاتنا.

نقطة ثانية في هذا السياق. معلوم أنّ (Radio&Tv) هو اسم التخصص الأكاديمي الجامعي المعتمد في كليات الإعلام في الجامعات. و"راديو - تلفزيون" في الكليات التي تعتمد اللغة العربية في مناهجها التدريسية.

هي دعوة أيضاً لاجتراح مصطلح جديد يتجاوز أداة الراديو للتعبير عن المحتوى المسموع. فلا يمكن تقديم مادة الراديو إنتاجاً وإعداداً للطلاب، ونتجاهل النقلة الكبيرة في المحتوى الإعلامي المسموع المتمثل اليوم بالـ Podcast. ولعل مصطلح Audio قد يكون بديلاً مناسباً عن الراديو، فيعبّر عن أي محتوى مسموع، بمعزل عن الوسيلة المستخدمة للاستماع.

ختاماً، مهما تنوّعت وسيلة البث (راديو أو بودكسات أو أيّ وسيلة أخرى)، يظل للكلمة المسموعة ألقها وسحرها، وقدرتها على إثارة الخيال.

أيمن المصري

2/07/2023

لماذا تركيز التغطية الإعلامية على زلزال تركيا أكبر؟

يسجل البعض على الإعلام العربي والدولي تركيزه على تغطية #زلزال_تركيا وما خلفه من دمار وضحايا، في مقابل استخفاف بالتغطية الإعلامية للزلزال الذي وقع في الوقت نفسه في سوريا.. وذلك في إشارة - بحسب أصحاب هذه النظرية - إلى وجود خلفيات سياسية لمؤسسات #الإعلام_العربي والدولي، ساهمت في توجيه اهتمامها وحدّدت مستوى التركيز في التغطية الإعلامية في كل من سوريا وتركيا.
وأحسب أنّ هذا الاتهام يجانب الحقيقة ويتجاهل اعتبارات عديدة لا يمكن إغفالها.
لكن قبل عرض هذه الاعتبارات، لا بدّ من التأكيد على أنّ رسالة الإعلام ومسؤوليته في مواكبة القضايا الإنسانية لا تتجزأ، بمعزل عن المواقف السياسيّة للمؤسسات الإعلاميّة من هذه الدولة أو تلك. ففي تركيا وسوريا، الحدث إنساني بحت، يجب الاهتمام و #التغطية_الإعلامية للفاجعتين بالشكل المطلوب، والضحايا والمشردون هم مدنيون.


أما أبرز الاعتبارات التي أرى أنها ساهمت في التركيز على الحدث التركي أكثر، فهي:
- قوة الزلزال وعدد الضحايا والمباني المهدّمة في تركيا تفوق بأضعاف ما وقع في سوريا. ففي حين بلغ عدد ضحايا #زلزال_سوريا 1602، وإصابة 3650 شخصاً (حتى صبيحة اليوم الثلاثاء)، فقد بلغ عدد ضحايا الزلزال في تركيا 3432 شخصاً والجرحى 21,103، وفقاً لأحدث إحصاء أعلنته إدارة الكوارث والطوارئ. وأكدت الإدارة انهيار 5775 مبنى جراء الزلزال وتلقي بلاغات بانهيار 11 ألفاً و302 مبنى لم يتم تأكيدها.
- لا زالت المناطق التركية تعاني حتى الساعة من هزات ارتدادية، فقد أوضحت #هيئة_الزلازل_التركية أن زلزالاً جديداً ضرب ولاية كهرمان جنوب شرقي تركيا الليلة الماضية، بلغت قوته 5.5 درجة على مقياس ريختر. وبالتالي، فالحدث في تركيا لم ينته بعد.
- التعقيدات الميدانية القائمة في مناطق زلزال سوريا، حيث تنقسم تلك المناطق بين السلطة الرسمية والمعارضة.. هذه التعقيدات لا تشجع #المؤسسات_الإعلامية على إرسال فرق صحفية للتغطية، حرصاً على سلامتها ولعدم معرفة ظروف تلك المناطق. في حين أنّ المدن التركية لا تعاني من هذه الانقسامات، بل تشرف عليها سلطة واحدة بمؤسساتها وأجهزتها الرسمية، وهذا يسهل من حركة الفرق الإعلاميّة في تركيا، حيث توفر الأجهزة التركية المعنيّة للفرق الإعلامية التسهيلات المطلوبة للقيام بعملها.
- لا يمكن تجاهل أنّ مستوى #الحريات_الإعلامية في الدولة التركية أوسع وأرحب بكثير من الوضع القائم في سوريا. هذا الواقع يخفف من اندفاع أيّ مراسل صحفي للذهاب إلى الأراضي السورية وممارسة دوره الصحفي بالشكل المطلوب.
- الموقع الجغرافي والسياسي الدولي لتركيا دفع بمعظم الفضائيات و #وكالات_الأنباء العربية والدولية لإنشاء مكاتب لها في تركيا.. هذه المكاتب وفرقها الإعلامية موجودة في الأساس، ما سهّل من تغطيتها الميدانية. في مقابل غياب هذه المكاتب الصحفية عن الأراضي السورية، لأسباب عديدة.
بحسب اعتقادي، فإنّ هذه الاعتبارات تساهم في صناعة مشهد إعلامي، عربي ودولي، يركز على الحدث التركي أكثر من السوري.
أيمن المصري

7/17/2022

في الاستثمار السياسي والجندري لتفوّق طلاب الشهادات الرسمية

في نهاية كل عام دراسي يخضع طلاب #الشهادة_الرسمية المتوسطة والثانوية، لامتحانات خارج إطار المدرسة، تؤهلهم نتيجتها لاجتياز مرحلة دراسيّة، #البريفيه و #البكالوريا.. وفي بلد شديد الاصطفافات الطائفية والحزبية والثقافية مثل لبنان، نشهد عند صدور نتائج الامتحانات الرسميّة كل سنة ظاهرة لافتة، وهي توظيف نجاحات الطلاب المتفوّقين بهدف تلميع صورة الفئة التي ينتمي إليها الطالب، وأحياناً تسجيل نقطة في مرمى "الخصوم".

فإذا كان الطالب المتفوّق – على سبيل المثال – ينتمي بيته إلى محور سياسيّ معيّن، وجدنا حرص أهله في المقابلات التلفزيونيّة على تصدير راية تلك الجهة الحزبيّة في المنزل، وإقحام ذكر هذا المحور السياسي أو ذاك، لتصدير فكرة أنّ هذا الخط السياسي ناجح في صناعة الأجيال وتوفير البيئة المناسبة لها، وصولاً إلى توجيه رسالة غير مباشرة في السياسة، أن هذا الخط السياسي قادر على إدارة حياتنا العامة، وهذا أبرز مثال على صوابيّة مشروعنا السياسي".

وإذا كان المتفوّق الأول فتاة، أسرعت جماعات #النسويّة لإبراز فكرة أنّ العنصر البشري المؤنث أكثر ذكاءً وكفاءة من الذكور، مع استحضار سرديّة أنّ على المجتمع أن يفتح للمرأة الأبواب ويعطيها الفرصة لإثبات جدارتها في تولّي المناصب والقيادة...

وإذا كان الطالب الأول على صعيد لبنان فلسطينياً أو سورياً، انبرت بعض المؤسسات الفلسطينيّة لتصدير فكرة نبوغ الطالب الفلسطيني وتميّزه عن أقرانه، مع استحضار نماذج سابقة لتدعيم الفكرة..

وقِس على ذلك أيضاً حالات الفقر والإعاقة وغيرها.

وأرى أنّنا في جميع هذه الحالات نقوم بسرقة تعب الطلاب المتفوّقين، فننسب تميّزهم ونجاحهم للجندر أو الفقر أو الخط السياسي... وفي هذا ظلم للطالب\ة واستخفاف بتعبه الشخصي.


نعم، الصعوبات المعيشيّة قد تخلق تحدّياً عند فئة من الطلاب فتدفعهم للمواجهة والصمود أكثر، لكن هذه ليست قاعدة، فلو رجعنا إلى الدراسات لوجدنا أنّ حالات #التسرّب_المدرسي تنتشر أكثر في المناطق الفقيرة. وإذا كانت المعاناة هي الدافع الأول للتميّز، فلماذا نرسل أبناءنا للدراسة خارج هذا البلد المتحلّل الذي يفتقد أبسط مقوّمات العيش الكريم، لبنان؟ أليس لتوفير بيئة دراسيّة مناسبة لأبنائنا، ثم تأسيس حياة مستقرّة سليمة؟ لا أحسب أنّ البيئة النموذجيّة للدراسة هي المعاناة اليوميّة وانشغال الذهن في المياه والكهرباء والخبز والدواء... وغلاء المعيشة.

في مسألة الجندر، أتساءل هنا: لماذا علينا أن نخلق هذا الصراع بين العنصرين البشريين اللذين خلقهما الله تعالى في الحياة: الذكر والأنثى؟ هل علينا أن نخوض دوماً معارك لإثبات كفاءة أحدهما عن الآخر؟ لماذا لا نؤسس لمعادلة أنّ من يجتهد يصل.. سواء كان ذكراً أو أنثى.

أما عن الخط السياسي أو الحزبي، فهل نتوقع من طالب\ة في صف البريفيه، أي في الرابعة عشرة من عمره، أن يأبه لاصطفافاتنا الحزبيّة أو يفكر في تعقيدات هذا المحور السياسي أو ذاك، وهو في هذه المرحلة العمريّة؟

ولا بدّ هنا من التوقف عند نقطة في الجانب الديني. أفهم جيداً أن تفتخر الطالبة الملتزمة دينياً بتفوّقها، في محاولة للردّ على شبهات عنصرية مقيتة يطلقها البعض بأنّ حجاب الفتاة تخلّف عن العصر وأنّ غطاء الرأس يغلّف العقل، ويعزل الفتاة عن مجتمعها ويضعها في قوقعة شعورية.. نعم من حق الفتاة وأهلها أن يتملّكهم هذا الشعور في الردّ العملي، فليس من الإنصاف الانتقاص من قدرات وكفاءة الطالب والطالبة الملتزمين دينياً اللذين لا يختلفان عن أقرانهم بشيء، لا بل أكثر من هذا، فالالتزام الديني والقرب من الله عزّ وجلّ يوفر استقراراً نفسياً للإنسان، وهذا عامل مساعد في النجاح في الحياة. على أن لا نتجاوز المعادلة الأساسيّة: اتعب كي تنجح. فالطالبة الأولى على لبنان #أميرة_زريق تفوّقت لأنها اجتهدت ودرست، وليس لأنها ملتزمة دينياً.

ختاماً نقول، يستحق التقدير كل طالب تغلّب على الصعاب التي نمرّ بها هذه الأيام في لبنان وأثبت تفوّقه الدراسي، سواء كانت هذه الصعاب معيشيّة أو خلقيّة أو ماديّة. يستحق هذا الطالب التقدير أكثر من غيره. لكن دعونا لا نعكّر فرحة أبنائنا الطلاب بنجاحاتهم، فنقحمهم في تعقيدات خلافاتنا الطائفيّة والثقافيّة والسياسيّة. ولنغرس في نفوسهم قاعدة الحياة الأساسيّة: إذا أردت أن تحقق هدفك، فعليك أن تتعب للوصول إليه.

لنترك طلابنا يفرحوا بنجاحاتهم ويخططوا لمستقبلهم ويحققوا أحلامهم، بجهدهم وتعبهم وعرق جبينهم، لا لانتمائهم إلى حزب أو عرق أو طائفة.

أيمن المصري

4/29/2022

التغطية الإعلاميّة للحملات الانتخابيّة.. انتعاش مالي ومخالفات قانونيّة

بقلم: أيمن المصري

لم يشهد الجسم الإعلامي في لبنان حالة هجرة إعلاميّة كما جرى خلال السنتين الأخيرتين، فقد أدّى الانهيار الاقتصادي، والارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، وتراجع السوق الإعلاني في لبنان.. إلى ضعف الإمكانات الماليّة للمؤسسات الإعلاميّة، ما انعكس على الوضع المعيشي لموظفيها، من مراسلين ومذيعين ومقدّمي برامج، فهاجر العشرات منهم إلى الخارج لاسيّما الخليج العربي، للحصول على فرص عمل أفضل. ولم تتوقف تردّدات الأزمة الاقتصاديّة على الواقع الإعلامي عند هجرة الإعلاميّين فقط، بل ترجمت أيضاً تراجعاً في الأداء، وانخفاضاً في الإنتاج الخاص وفي المعايير المهنيّة المعتمدة.

هذا ما كان عليه واقع الاعلام اللبناني في ظلّ الانهيار الاقتصادي والمالي، قبل موسم الانتخابات النيابيّة المزمع عقدها في ١٥ أيار القادم.. لكنّ هذا الحال انقلب انفراجاً مع بدء المواكبة الإعلاميّة للحملات الانتخابيّة، حيث شكّل هذا الموسم الانتخابي مورداً مالياً مهماً للمؤسسات الإعلاميّة في لبنان، من خلال الإعلام والإعلان الانتخابي مدفوع الأجر.

فمع بدء الموسم الانتخابي في لبنان، شهد القطاع الإعلامي طفرة في البرامج الحوارية الانتخابيّة، وحوّلت القنوات التلفزيونيّة برامجها السياسيّة إلى انتخابيّة، وطرحت سلّة من البرامج الخاصة بالاستحقاق النيابي، كما أدخلت الترويج الانتخابي ضمن برامجها الترفيهيّة.. حتى بتنا أمام مشهديّة إعلاميّة متخمة بالحوارات والدعاية والرسائل الانتخابيّة، طغت على الموسم الرمضاني وحلّته البرامجيّة الخاصة.

ومع أنّ المؤسسات التلفزيونيّة نالت حصة الأسد في البرامج الحوارية الانتخابيّة مدفوعة الأجر، فقد حرصت المؤسسات الإذاعية أيضاً على الإفادة من هذه الفرصة، وجهّزت استديوهاتها لقطف ثمار هذا الموسم الخصب.. فعلى سبيل المثال، مع بدء الموسم الانتخابي، أحدثت إذاعة صوت لبنان([1]) نقلة نوعيّة تمثلت في التحوّل من إذاعة صوتيّة إلى تلفزيون رقمي، حيث باتت جميع برامجها تبث صوتاً وصورة على مدى 24 ساعة، وقامت بتجهيز استديوهات جديدة مع ما يتطلبه هذا المشروع من تجهيزات تقنيّة وفريق عمل جديد، يتقاضى رواتبه بالدولار الأمريكي.



البرامج التلفزيونيّة الانتخابيّة

في جولة سريعة، نعرض البرامج الانتخابيّة التي اعتمدتها المحطات التلفزيونيّة اللبنانيّة الخاصة([2]):

تصدّرت قناة lbci المحطات التلفزيونيّة في عدد البرامج الحوارية الانتخابيّة، فمن برنامج "سؤال انتخابي - تقديم: طوني خليفة"، إلى برنامج "راس براس – تقديم: ريمي درباس"، إلى "نصّ المزح جد – تقديم: إيلي متري"، و" Elections 2022 – تقديم: ريمي درباس"، و"حوار المرحلة – تقديم: رولا حداد"، و"ورطة – تقديم: مارون ناصيف"، و"50/50 – تقديم: سامي كليب".. فضلاً عن استضافة مرشحين في برامج حوارية سياسيّة قائمة، مثل البرنامج الأسبوعي السياسي "صوت الناس – تقديم: ماريو عبود" والفترة الصباحيّة اليوميّة المباشرة "نهاركم سعيد".

تأتي في الدرجة الثانية قناة MTV، مع برنامج "برنامجك – تقديم: جان نخول وغراسيا أنطون"، و"بصفتك مين – تقديم: جويس عقيقي"، و"صوّت لبرنامجك – تقديم: جان نخول"، بالإضافة إلى البرنامج السياسي الأسبوعي "صار الوقت – تقديم: مارسيل غانم"، والفقرة الحوارية اليوميّة على المحطة "بيروت اليوم". وكانت قناة mtv اعتمدت منذ أشهر ختم مقدّمة أخبارها المسائيّة اليومية بعبارة: «يا لبنانيّي، أوعا ترجعوا تنتخبوهن هنّي ذاتهم»، في إشارة إلى أحزاب السلطة.

تليها قناة الجديد، مع "عالبرنامج – تقديم: نانسي السبع"، وبرنامج "بتفرق ع وطن – تقديم: سمر أبو خليل"، بالإضافة إلى البرنامج السياسي الأسبوعي "وهلأ شو – تقديم: جورج صليبي"، والفترة الصباحيّة الحوارية "الحدث"، ثم الفترة الحواريّة المسائيّة "هنا بيروت".

فيما خصّصت قناة المنار (المحسوبة على حزب الله) برنامج «بانوراما برلمان 2022» لمواكبة للانتخابات وتشريح دوائرها وتحالفاتها، ودشنت حلّة جديدة في الشكل والمضمون لبرنامجها السياسي الأسبوعي «حديث الساعة – تقديم: عماد مرمل»، وخصّصت نشرة يوميّة تحت اسم «نشرة الانتخابات النيابيّة».

أما القناة التلفزيونية المحسوبة على رئيس الجمهورية (OTV)، فإضافة للبرامج الانتخابيّة "مش قليل – شربل خليل"، و"ساعة الحقيقة" والحوارات الانتخابيّة، فقد أطلقت أغنية «رح نبقى هون» تحاول من خلالها صدّ الحملات السياسيّة التي توجّه إلى فريق رئيس الجمهورية.

وخصّصت قناة NBN (المحسوبة على رئيس مجلس النواب نبيه بري) برنامج "نحو البرلمان - تقديم: أمل فضول"، بالإضافة إلى برامجها السياسيّة التي تحوّلت في غالبها للمقابلات الانتخابيّة.

وقد تفاوتت أسعار المقابلات على المحطات التلفزيونيّة الخاصة من خمسة آلاف إلى خمسين ألف دولار أمريكي، يتحرك السعر بحسب أهميّة المحطة ومدّة البرنامج وتوقيت عرضه.

أما النقل التلفزيوني المباشر للمهرجانات الانتخابيّة، فجاء معدّل سعرها بألف دولار للدقيقة الواحدة، يتحرك السعر بحسب أهميّة المحطة وتوقيت النقل.

وذكر مدير إحدى الماكينات الانتخابيّة أنّ صحيفة يوميّة طلبت مبلغ 50 ألف دولار أمريكي كبدل لتغطية نشاطات اللائحة خلال الحملة الانتخابيّة.


رصد تحليليّ

عند رصد المواكبة الإعلاميّة للحملات الانتخابيّة، لا يمكن إغفال الدراسة التي أجرتها مؤسسة مهارات([3]) في لبنان بالتعاون مع منظمة اليونسكو، حول مواكبة المحطات التلفزيونيّة اللبنانيّة للحملات الانتخابيّة في شهر مارس\آذار الماضي([4])، خلصت فيه إلى النتائج التالية:

جاءت محطة lbci في المرتبة الأولى بحجم تغطيتها الانتخابيّة بنسبة (21%)، تلتها بالتساوي محطتا MTV والجديد بنسبة (17%)، ثم OTV بنسبة (14%)، NBN (13%)، المنار (10%)، وأخيراً تلفزيون لبنان الرسمي بنسبة (8%).

وعند تحليل أنواع هذه التغطيات الانتخابية، يتبيّن أنّ القسم الرئيسي منها يتوزّع على ثلاثة محاور رئيسيّة: البرامج الحواريّة تأتي في طليعة التغطيات الانتخابيّة بنسبة (44.29%)، نشرات الأخبار (25.57%)، والبث الحي (23.62%). أي ما مجموعه (93.48%).

أما النسبة المتبقّية فتوزّعت كالتالي: إعلان ودعاية انتخابيّة مدفوعة بنسبة (3.21%)، (1.59%) برامج سياسيّة ساخرة، ثم مادّة التثقيف الانتخابي ما دون (1%).

وفي توزّع التغطيات بين القوى السياسيّة التقليديّة (أحزاب السلطة) والقوى السياسيّة الناشئة([5]) كان لافتاً أنّ محطتي lbci وMTV أعطت القوى الناشئة مساحة واسعة قاربت (70%)، بينما محطات NBN والمنار وOTV غيّبتها بشكل شبه كلّي. فيما أعطتها قناة الجديد نسبة (46%)، وتلفزيون لبنان الرسمي حوالي (6%).


مخالفات قانونيّة

يسجّل المراقب مخالفات قانونيّة عديدة وقعت فيها المؤسسات الإعلاميّة خلال تغطيتها للحملات الانتخابيّة، ونبدأ بمخالفة وقعت فيها وزارة الإعلام نفسها:

1. عدم التزام وزارتَي الإعلام والداخليّة بإنتاج مواد التثقيف الانتخابي لبثها عبر المؤسسات الإعلاميّة، ما ينصّ القانون. فقد جاء في المادة (75) من قواعد الإعلام والاعلان الانتخابيّين من قانون الانتخاب (44/2017) أنه "يتوجب على وسائل الإعلام المرئي والمسموع أن تخصّص خلال فترة الحملة الانتخابيّة ثلاث ساعات أسبوعياً على الأقل لأجل بث برامج تثقيفيّة انتخابيّة، تنتجها وزارتا الإعلام والداخليّة والبلديات بالتنسيق مع وسائل الإعلام المعنيّة". لكنّ الوزارتين لم تنجزا هذا الإنتاج التثقيفي.

2. يوجب قانون الانتخاب على وسائل الإعلام والإعلان أن "توضح صراحة لدى بثها أو نشرها لإعلانات انتخابيّة، أنّ هذه الإعلانات مدفوعة الأجر، وأن تحدّد الجهة التي طلبت بثها أو نشرها". لكن لوحظ - بحسب تقرير مهارات - أنّ محطة LBCI هي الوحيدة التي أشارت في تغطياتها المباشرة وبرامجها الانتخابيّة المدفوعة على أنها دعاية انتخابيّة مدفوعة، فيما لم تلتزم المحطات الأخرى بذلك.. ما يشكّل مخالفة صريحة لقانون الانتخاب.

3. وقعت بعض المحطات التلفزيونيّة في مخالفة القانون عند تعاطيها مع استفتاءات الرأي التي تتطلب منهجيّة وقواعد خاصة ضماناً لجدّيتها. وقد حدّد قانون الانتخاب الأصول والشروط الواجب اتباعها عند إعلان نتائج استطلاعات الرأي.

4. نصّ قانون الانتخاب على أنه "لا يجوز لأية وسيلة من وسائل الإعلام الخاص إعلان تأييدها أيّ مرشح أو لائحة انتخابية"، لكن عند رصد المحطات التلفزيونيّة ذات الانتماء الحزبي الواضح مثل (المنار – NBN – OTV)، نجد أنها تقوم بالترويج المباشر لمرشّحي أحزابها أو لوائحها الانتخابيّة الخاصة.

5. يتردّد في بعض الماكينات الانتخابية قيام بعض وسائل الإعلام بتقديم فواتير إلى الجهة المشرفة على الإعلام والإعلان الانتخابي (هيئة الإشراف على الانتخابات)، تخالف ما تتقاضاه المؤسسة الإعلاميّة من المرشحين، تجنّباً لتجاوز سقف الإنفاق الانتخابي للمرشح([6])، وأيضاً تخفيفاً في نسبة الضريبة التي ستدفعها المؤسسة الإعلاميّة عن وارداتها.


ماذا عن الإعلام الرسمي؟

جاء في المادة (73) من قانون الانتخاب المتعلق بقواعد الإعلام والإعلان الانتخابيّين، أنه:

1- يحق للائحة أو للمرشح أن يستعمل وسائل الإعلام الرسميّة([7]) دون مقابل، لأجل عرض البرامج الانتخابيّة.

2- يلتزم الإعلام الرسمي موقف الحياد في جميع مراحل العمليّة الانتخابيّة، ولا يجوز له أو لأيّ من أجهزته أو موظفيه القيام بأيّ نشاط يمكن أن يفسّر بأنه يدعم مرشحاً أو لائحة على حساب مرشح آخر أو لائحة أخرى.


اهتمام إعلاميّ بالمرأة المرشحة

عادة ما تنشط الجمعيات النسوية عند الاستحقاقات الانتخابيّة، بهدف تسليط الضوء على ما تسمّيه "تهميش المرأة في الحياة العامة ومنعها من المشاركة في القرار السياسي".. لكنّ اللافت في هذه الانتخابات هو الاهتمام الإعلامي الطارئ بهذه الحملات، بدعم ماليّ من مؤسسات أجنبيّة غير حكوميّة.

فبرز برنامج 50\50 على قناة lbci بدعم من "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID"، بهدف "تعزيز المساواة بين الجنسين في القطاعين العام والخاص، وبشكل أساسي في مواقع صنع القرار السياسي"، بحسب ما جاء في تعرف البرنامج. فيستضيف مقدّم البرنامج (الإعلامي سامي كليب) سيدات – حصراً - مرشحات للانتخابات النيابيّة، ويحاورهنّ في برامجهنّ الانتخابيّة ورؤيتهنّ للحلول أزمات البلد، في قالب ترويجيّ للضيفة المرشحة.

في السياق نفسه، ولدعم حضور المرأة في المجتمع، لاسيما خلال هذه المحطة الانتخابيّة، عرضت قناة الجديد برنامج «مصلحة عامة» الذي يقوم على استضافة سيدات – حصراً - من صاحبات الخبرات في مجالات التنمية والتعليم والصحة العامة والتراث والاقتصاد والتنظيم المدني. والبرنامج من إنتاج «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» (UNDP)، بمشاركة UN WOMEN ([8]).



قواعد قانونيّة في المواكبة الإعلاميّة

نصّ قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44 للعام 2017 على أن تتولى «هيئة الإشراف على الانتخابات» مهمّة وضع قواعد سلوك للتغطية الإعلاميّة للحملات الانتخابيّة وعمليّات الاقتراع والفرز، بالإضافة إلى مراقبة تقيّد وسائل الإعلام على اختلافها (المرئيّة والمسموعة والمكتوبة والإلكترونيّة) بهذه القوانين والأنظمة التي ترعى المنافسة الانتخابيّة. ومن أبرز هذه القواعد المتعلقة بالتغطيات الإعلاميّة:

- يترتب على الهيئة أن تؤمّن التوازن في الظهور الإعلامي بين المتنافسين من لوائح ومرشحين، بحيث تُلزم وسيلة الإعلام، لدى استضافتها لممثل لائحة أو لمرشح، أن تؤمّن بالمقابل استضافة منافسيه بشروط مماثلة لجهة التوقيت والمدة ونوع البرنامج.

- لا يجوز لأية وسيلة من وسائل الإعلام الخاص إعلان تأييدها أيّ مرشح أو لائحة انتخابيّة.

- تحدّد الهيئة المساحة القصوى لكل وسيلة إعلاميّة أو إعلانيّة لأجل بث أو نشر برامج إعلاميّة أو إعلانيّة تتعلق باللوائح أو المرشحين، كما تحدّد أوقات بث أو نشر هذه المساحات.

- ابتداءً من الساعة صفر من اليوم السابق ليوم الانتخابات، ولغاية إقفال صناديق الاقتراع، يحظر على جميع وسائل الإعلام بث أيّ إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر.

- تلزم «هيئة الإشراف» المؤسسات الإعلاميّة تخصيص ثلاث ساعات أسبوعياً على الأقل، خلال فترة الحملة الانتخابيّة، لأجل بث برامج تثقيفية انتخابيّة.


أخيراً، ومع تشكيك بعض المحلّلين السياسيّين من إجراء الانتخابات النيابية لاعتبارات سياسيّة معيّنة، لكن يمكن القول إنّ القطاع الإعلامي في لبنان هو من أكبر المستفيدين من إجرائها والحريصين عليها، لتعويض الخسائر التي منيَ بها بفعل إجراءات جائحة كورونا والانهيار الماليّ الحادّ الذي يعصف بلبنان.



[1] من أهمّ وأقدم الإذاعات السياسيّة في لبنان. وهي تتبع لحزب الكتائب.
[2] بحسب قانون المرئي والمسموع في لبنان، تنقسم المحطات التلفزيونية إلى فئتين: فئة أولى يسمح لها بث الأخبار والبرامج السياسية، وفئة ثانية لا يسمح لها ببث الأخبار والبرامج السياسية. وعملية الرصد في هذا التقرير جرت على المؤسسات التلفزيونية من الفئة الأولى.
[3] مؤسسة مهارات هي منظمة غير حكومية مقرها بيروت، تعمل على "تقوية تطور الصحافة المستقلة في المنطقة العربية، ومناصرة السياسات التي تدفع بتعزيز حرية التعبير بما فيها حرية الانترنت في لبنان والمنطقة العربية".
[4] نشرت الدراسة في 12 نيسان\إبريل الجاري.
[5] نشأ بعد "ثورة 17 تشرين 2019" في لبنان مصطلح القوى الثورية أو التغييرية، وهي مجموعات انتفضت على أحزاب السلطة، وتشارك حالياً في الانتخابات النيابية من خلال مروحة واسعة من المرشحين.
[6] حدّد قانون الانتخاب سقفاً للإنفاق الانتخابي، مقداره: 750 مليون ليرة لبنانية + 50 ألف ليرة عن كل ناخب في الدائرة.
[7] الإعلام الرسمي في لبنان يتمثل بمحطة تلفزيونية اسمها "Tele Liban" وإذاعة لبنان.
[8] صحيفة الأخبار – 8 ابريل\نيسان 2022.

3/04/2022

هل ينجح الإعلاميّون اللبنانيّون فيما فشل فيه الساسة؟

 بقلم: أيمن المصري

تكتسب الانتخابات النيابيّة في لبنان المزمع عقدها في منتصف أيار القادم ميزة استثنائيّة، فهي الانتخابات الأولى التي تجرى بعد الحراك الشعبي أو ما أطلق عليه «ثورة 17 تشرين» التي وقعت في نهاية سنة 2019، وأنتجت فرزاً جديداً ضمن القوى السياسيّة في لبنان، فبرزت «المجموعات التغييريّة» التي تسعى لإزاحة الطبقة السياسية التقليدية (أحزاب السلطة) من خلال خوض الانتخابات النيابيّة القادمة.. وفي هذا السياق أعلنت مجموعة من الإعلاميّين اللبنانيّين العاملين في تقديم البرامج والنشرات الإخباريّة، نيّتهم الترشح للانتخابات النيابية، مستندين إلى حضورهم الإعلامي على الشاشات اللبنانيّة، وخبرتهم في متابعة ملفات تهمّ الشأن العام.

ومن أبرز هذه الوجوه الإعلاميّة "التغييرية" التي قرّرت خوض الانتخابات النيابيّة:

الإعلامي غياث يزبك: مدير الأخبار والبرامج السياسيّة في قناة mtv.

أعلن ترشحه عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثالثة. وقد تقدّم يزبك باستقالته من مسؤولياته في المحطة التلفزيونية.

الإعلاميّة ماغي عون: مقدّمة برامج في الفترة الصباحية المباشرة على قناة الجديد.

أعلنت ترشيحها عن المقعد الماروني في دائرة البقاع الغربي – راشيا.

الإعلاميّة غادة عيد: قدّمت برامج تلفزيونيّة لسنوات عديدة على شاشتَي الجديد وmtv، تتعلق بمحاربة الفساد. وهي تتابع حالياً تقديم برنامج «مشروع دولة» على شاشة mtv.

وقد تقدّمت غادة عيد بطلب ترشيحها عن المقعد الماروني في دائرة الشوف – عاليه.

الإعلامي رياض طوق: مقدّم برامج تلفزيونيّة في محطة mtv تتعلق بمواجهة الفساد، آخرها برنامج «باسم الشعب». وقد أعلن ترشيحه عن المقعد الماروني في قضاء بشري، ضمن لائحة «ائتلاف شمالنا».

الإعلاميّة ليال بو موسى: صحافيّة استقصائية ومقدّمة برامج في قناة الجديد، آخرها برنامج «يسقط حكم الفاسد»، وتعمل في الوقت نفسه مراسلة للمحطة نفسها.

أعلنت ترشحها عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثالثة، أيضاً ضمن لائحة «ائتلاف شمالنا».

الإعلامي بسام أبو زيد: مقدّم نشرات إخبارية ومذيع على قناة LBC.

أعلن نيّته الترشح عن مقعد الروم الكاثوليك في دائرة المتن.

وهنا تطرح إشكاليّة قانونيّة مع استمرار بعض هؤلاء الإعلاميّين المرشحين مزاولة عملهم على الشاشات، الأمر الذي يوفر لهم فرص ظهور إعلاميّ أكثر من غيرهم من المرشحين.. وهذا يرتب مخالفة قانونيّة لقواعد الدعاية والحملات الانتخابيّة. علماً أنّ "هيئة الإشراف على الانتخابات" وضعت نظماً وقواعد للظهور الإعلامي والحملات الانتخابيّة للمرشحين على وسائل الإعلام، ضماناً لتكافؤ الفرص أمام المرشحين في الإطلالات الإعلاميّة.


الانتخابات على الشاشات:

أما عن مواكبة القنوات التلفزيونية اللبنانية للانتخابات النيابيّة، فمن المعروف أنّ الموسم الانتخابي يعدّ فرصة ذهبيّة للمؤسسات التلفزيونيّة على وجه الخصوص، حيث يدرّ عليها دخلاً مالياً كبيراً من المرشحين الذين يقصدونها لعرض برامجهم الانتخابيّة وتحقيق الحضور الإعلامي أمام الجمهور.. فتخصص تلك القنوات في برمجتها برامج ولقاءات وتقارير وإعلانات انتخابيّة خاصة مدفوعة الثمن.

وكانت قناة LBC هي السبّاقة في إطلاق صفارة الانتخابات النيابيّة، إذ بدأ الإعلامي طوني خليفة قبل أسابيع عرض برنامجه «سؤال انتخابي»، يستضيف فيه وجوهاً مرشحة للانتخابات النيابيّة، ويشارك في كل حلقة الخبير الانتخابي ربيع الهبر لعرض أرقام الدائرة الانتخابيّة التي تخصّ الضيف المرشح، إلى جانب فقرة الإعلامي يزبك وهبة للإضاءة على ديموغرافيا وواقع هذه الدائرة الانتخابيّة.

ولأنّ “لبنان في المرتبة الـ 15 بين 17 دولة عربيّة لجهة التمثيل النسائي في البرلمان، والمرأة اللبنانية المُتعلّمة والموظّفة والأم التي تعمل تماماً كالرجال، ليس لها في البرلمان اللبناني أكثر من خمسة بالمئة. كان الهدف 50/50 بالسياسة، ولكي نصل إليه، ينطلق برنامج «50/50». هذا ما قاله الإعلامي سامي كليب في تعريفه عن برنامجه الانتخابي النسائي الجديد على قناة LBC، الذي يهدف إلى دعم حق المرأة اللبنانيّة في الوصول الى مواقع صنع القرار السياسي، فيستضيف مُرشّحات من جميع الانتماءات، ويحاورهنّ في برامجهنّ الانتخابيّة.

محطة mtv من جهتها، خصّصت منصّة إعلاميّة أسمتها «برنامجك»، تتيح فيه للمرشحين بأن يعرضوا أفكارهم، حيث «يجيب الضيف على مجموعة من الأسئلة والمواضيع لمعرفة إلى أيّ مدى تتماشى مع أفكاره، وأين سيكون موقفه من الملفات الأهم بعد الاستحقاق النيابي»، بحسب تعريف البرنامج. ويتولى تقديم البرنامج الإعلاميّان جان نخول وغراسيا أنطون.

فيما أفرد الإعلامي مارسيل غانم في برنامجه الأسبوعي «صار الوقت» على المحطة نفسها، فقرة خاصة لاستضافة شخصيات الصف الأول المرشّحة للانتخابات.

يذكر أنّ قناة mtv اعتمدت منذ أشهر ختم مقدّمة أخبارها المسائيّة اليومية بعبارة: «يا لبنانيّي، أوعا ترجعوا تنتخبوهن هنّي ذاتهم»، في توظيف انتخابي يومي لمظاهر الانهيار الذي يشهده لبنان، سواء على الصعيد الاقتصادي أو المالي والمعيشي.

ولا تختلف قناة الجديد عن هذا الاستثمار الإعلامي في الاستحقاق الانتخابي، فأطلقت برنامج «عالبرنامج» للإعلامية نانسي السبع، تركز فيه على استضافة المرشحين في حوار وجهاً لوجه حول برنامجهم الانتخابي. في المقابل، أطلقت الإعلامية سمر أبو خليل برنامج «بتفرق عَ وطن» الذي يتوقع أن يحجز مكاناً مهماً له ضمن سلّة البرامج الانتخابيّة، لما تتمتع به أبو خليل من عمق وخبرة من الحوارات السياسيّة.

أما قناة nbn (المحسوبة على رئيس المجلس النيابي نبيه بري) فقد خصّصت برنامجاً أسبوعياً حمل عنوان «نحو البرلمان» تقدّمه الإعلاميّة أمل حاضر. وفي تصريح خاص لصحيفة الأخبار اللبنانيّة، قال رئيس مجلس إدارة قناة nbn قاسم سويد أنّ البرنامج الذي يبدأ عرضه في منتصف فبراير/شباط الحالي سيتناول سيَر المرشحين والدوائر الانتخابية. ولفت إلى أن القناة تتحضّر لتقديم فقرة يوميّة انتخابيّة ضمن نشرة الأخبار المسائية، إضافة إلى تقارير يوميّة من وحي المناسبة.

وعلى نسق ما ابتدعته قناة mtv في مقدّمة نشراتها الإخبارية، فقد استحدثت قناة OTV (المحسوبة على فريق رئيس الجمهورية ميشال عون) بدعة إعلاميّة جديدة، عبر استخدام اللغة العامّية بعد الفصحى في استهلاليّة النشرات الإخباريّة، فأوردت القناة في مقدّمة إحدى نشراتها الإخبارية: «تذكّروا يا لبنانيات ويا لبنانيين. إنه لأ، مش كلن يعني كلن. لما تفكروا بالانتخابات، حرّروا عقلكن وقلبكن من كل المؤثرات والضغوطات، وساعتها انتخبوا مين ما بدكن، بكل حرّية ومسؤوليّة».


قواعد قانونيّة في التغطيات الإعلاميّة:

نصّ قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44 للعام 2017 على أن تتولى «هيئة الإشراف على الانتخابات» مهمّة وضع قواعد سلوك للتغطية الإعلاميّة للحملات الانتخابية وعمليات الاقتراع والفرز، بالإضافة إلى مراقبة تقيّد وسائل الإعلام على اختلافها (المرئيّة والمسموعة والمكتوبة والإلكترونيّة) بهذه القوانين والأنظمة التي ترعى المنافسة الانتخابيّة. ومن أبرز هذه القواعد المتعلقة بالتغطيات الإعلاميّة:

- لا يجوز لأية وسيلة من وسائل الإعلام الخاص إعلان تأييدها أيّ مرشح أو لائحة انتخابيّة.

- يترتب على الهيئة أن تؤمّن التوازن في الظهور الإعلامي بين المتنافسين من لوائح ومرشحين، بحيث تُلزم وسيلة الإعلام، لدى استضافتها لممثل لائحة أو لمرشح، أن تؤمّن بالمقابل استضافة منافسيه بشروط مماثلة لجهة التوقيت والمدة ونوع البرنامج.

- تحدّد الهيئة المساحة القصوى لكل وسيلة إعلاميّة أو إعلانيّة لأجل بث أو نشر برامج إعلاميّة أو إعلانيّة تتعلق باللوائح أو المرشحين، كما تحدّد أوقات بث أو نشر هذه المساحات.

- تراعي الهيئة في تحديد المساحات الإعلاميّة القصوى وتوزيعها، حق المرشحين في المساواة في الظهور الإعلامي، ضمن حدود القانون والمنافسة الانتخابيّة المشروعة.

- ابتداءً من الساعة الصفر اليوم السابق ليوم الانتخابات، ولغاية إقفال صناديق الاقتراع، يحظر على جميع وسائل الإعلام بث أيّ إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر، باستثناء ما يصعب تفاديه من صوت أو صورة لدى التغطية الإعلاميّة على نقل وقائع العمليّة الانتخابيّة.

كما تلزم «هيئة الإشراف» المؤسسات الإعلاميّة تخصيص «ثلاث ساعات أسبوعياً على الأقل، خلال فترة الحملة الانتخابيّة، لأجل بث برامج تثقيفية انتخابيّة».

هذا ويقفل باب الترشيح للانتخابات النيابية في 15 آذار القادم، لتنطلق الحملات الانتخابيّة بشكل أكثر تركيزاً، وصولاً إلى يوم الاقتراع في 15 أيار في مختلف الدوائر الانتخابيّة.

هل تحقق هذه الوجوه الإعلاميّة تغييراً في المشهد السياسي في لبنان في حال وصولها إلى الندوة البرلمانيّة؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام.

2/16/2022

رأفة بقلوبهم المرتجفة.. لا تأتوا بهم إلى الدنيا

بقلم: أيمن المصري

في فصل شتاء كل عام، تطالعنا تقارير صحفيّة وصور عن معاناة مخيمات النزوح واللجوء في هذا البلد أو ذاك، الذي يعاني أهله من البرد القارس ومن غياب وسائل التدفئة.. وتكاد القلوب تتفطر حين نرى صور أطفال يرتجفون من البرد خارج خيامهم، أو تغرق أقدامهم في سيول المياه والثلوج، فكيف حين نسمع عن أطفال ماتوا من البرد بعد عجز الوالدين عن تأمين وسائل التدفئة لهم.. في مخيمات لبنان أو الشمال السوري أو العراق وغيرها.

أمام هذا الواقع الموجع، تسعى المنظمات والجمعيات الأهليّة لسدّ احتياجات أولئك القابعين قسراً في المخيمات، فتقوم بتوزيع ما يتيسّر لها من أغطية ومازوت و"صوبيات".. لكن إذا كان المقيم في بيت مقفل آمن لا يتحمّل برد الطقس، وإذا كان الأشخاص الكبار يكابدون الصقيع وقسوة العيش في تلك الظروف، حيث يقيمون في خيام ضعيفة ويفتقدون أدنى سبل الوقاية من البرد القارس.. فكيف بالأطفال والرضّع؟

سؤال راودني حين كنت أقلّب صور أطفال يرتجفون من البرد في بعض مخيمات اللجوء، ناهيك عن حرمانهم من حقهم الطبيعي في التعليم: هؤلاء ما ذنبهم؟ لماذا نأتي بهم إلى الدنيا كي يتألّموا ويعانوا ويواجهوا خطر الموت تجمّداً، في ظلّ ظروف حياة سيئة في العراء؟

وقد جرّني هذا السؤال إلى فكرة أخرى:

مشكورة تلك المؤسسات الدولية والأهليّة التي تبذل جهدها في محاولة توفير الدفء لأطفال يعيشون في بيئة بدائيّة لا تتوفر فيها أبسط مقوّمات العيش الكريم، لكن أليس من المهم أيضاً - إلى جانب التخفيف عن هذه الفئة المعذبة – أن تقوم تلك الجمعيات بحملات توعية للأسر اللاجئة، لضبط الإنجاب، رأفة بأولئك القادمين إلى هذا العالم القاسي؟

حين نقرأ تقارير صحفية نتفاجأ بارتفاع نسبة الإنجاب في تلك المخيمات، فهذا "بلال الذي فَقد عمله، والأب لخمسة أطفال، يحاول قدر الإمكان تأمين الحطب لتدفئة عائلته، ويقول لصحيفة "العربي الجديد": "المساعدة الشتوية التي تقدّمها مفوضية الأمم المتحدة لا تكفي سوى لشراء المازوت، وتؤمّن بالتالي التدفئة لأسبوعين فقط في حال كان الطقس مقبولاً، وأسبوعٍ واحدٍ في حال كان الطقس شديد البرودة".

أمّا "فلانة" وهي والدة خمسة أطفال، فتقول للصحيفة نفسها: "كنّا نستخدم مدفأة على الغاز، لكن اليوم بات سعر قارورة الغاز خياليّاً، والوضع المعيشي صعب جداً، وأولويّتنا توفير الطعام والشراب لأولادنا. زوجي فَقد عمله نتيجة حادث أقعده ثلاث سنوات، واليوم، بعد العلاج الفيزيائي الطويل، يستعيد قدرته على الوقوف والمشي نوعاً ما".


أقف مذهولاً أمام مثل هذه الحالات، فكيف لزوجين فرضت عليهما الحرب أن يخرجا من بلدهما ويقيما في مخيم بظروف عيش قاسية، كيف لهما أن ينجبا خمسة أو ستة أطفال، وفوق هذا يقول الوالد إنه لا يعمل؟

بمعزل عن المتسبّب بهذا اللجوء، وبمعزل عن تقصير الدولة المضيفة عن تحمّل مسؤولياتها الإنسانيّة والقانونيّة.. لكن ألا يفرض هذا الواقع على الزوجين أن يتكيفا مع ظروفهما الاستثنائيّة، فيكتفيان بإنجاب ولد أو ولدَين؟

وقد أصدرت منظمة اليونيسف بتاريخ 17 كانون الأول 2021 تقريراً بعنوان "أطفال يكبرون في كنف أزمات لبنان" جاء فيه أنّ "حوالي أي أكثر من 80 في المائة من الأطفال (اللاجئين والمقيمين) في لبنان، يعانون الآن من فقر متعدّد الأبعاد، بعد أن كان العدد حوالي 900,000 طفل في عام 2019، وهم يواجهون خطر تعرّضهم للانتهاكات، مثل عمالة الأطفال أو زواج الأطفال بهدف مساعدة أسرهم على تغطية النفقات".

لذلك يمكن أن نوسّع الدائرة لنقول: هذا الطرح ليس مقصوداً به اللاجئون فقط، بل المواطنين المقيمين من الطبقة الفقيرة أيضاً.


الرزق على الله!

وهنا تطرح إشكاليّة مهمة ، ينطلق منها البعض للدفاع عن فكرة الإنجاب دون تخطيط أو دراسة واقع، وهي ما جاء في الآية الكريمة: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقهم وإياكم). إملاق أي فقر.

ولو أنّني لست أهل اختصاص لمناقشة قضيّة دينيّة شائكة كهذه، لكنّ من يتابع الأدبيات التي كتبت في موضوع ضبط الإنجاب وتنظيم النسل لأسباب معيّنة، يجد في الأمر متسعاً وتناولاً موضوعياً واقعياً للمسألة، بعيداً عن الأحكام المطلقة العامّة، لاسيما أننا هنا نتحدث عن الضبط والتنظيم، وليس عدم الإنجاب بالمطلق.

فإذا كان يحق للزوجين أن يؤخرا الإنجاب لأسباب تتعلق بصحّة الزوجة أو ظروف عملها أو دراستها.. وإذا كان يباح للزوجين أن يتوافقا على تأخير الإنجاب في سنيّ الزواج الأولى لأسباب معيّنة.. ويباح لهما أن يتوافقا على إنجاب عدد معيّن من الأولاد، اثنين أو ثلاثة أو أربعة.. بحسب رغبتهما الخاصة..

فمن باب أولى أن يتوافق زوجان على الاكتفاء بإنجاب ولد أو ولدين، ريثما تتحسّن ظروفهما المعيشيّة ويعودا إلى بلديهما.. أين المشكلة في هذا؟ نعم لقد وعدنا الله تعالى بأنه رازقنا، لكنه أيضاً أمرنا بالأخذ بالأسباب.

أليس هذا أرحم للطفل من أن يقدم إلى عالم لا تتوفر فيه مقوّمات العيش، وقد يموت صقيعاً أو يتعذب كل يوم في ظروف قاسية لا تراعي أبسط حقوق الطفل واحتياجاته؟

هي دعوة إلى المنظمات والجمعيات الإغاثية، أن تقوم إلى جانب دورها الإغاثي، بدور التوعية والتثقيف تجاه الأهالي.. رأفة بقلوب الأطفال وأجسادهم الطريّة.

وهي دعوة إلى الأزواج أن يأخذا بالأسباب كما أمرنا الله عزّ وجلّ، فيجمعوا بين التسليم برزق الله تعالى لنا، وبين ظروفهم التي يعيشون.

حفظ الله أولادكم.. ولا حرم الله أحداً منهم.

1/22/2022

إعلامنا اللبناني في الاستحقاق الانتخابي.. بين مواجهة رموز السلطة وبين تلميعهم.. لضرورات ماليّة

عادة ما تساهم #الانتخابات_النيابية في تحريك العجلة الاقتصادية في لبنان، ويشكّل هذا الاستحقاق موسماً خصباً لشركات التسويق والمطابع والمصمّمين (Designers) والمفاتيح الانتخابية والمطاعم.. ومن أبرز الفئات التي تستفيد مالياً من الاستحقاقات الانتخابية هي #المؤسسات_الإعلامية، حيث يلجأ إليها المرشحون بمقابلات مدفوعة بالدولار الأمريكي، للإطلالة على الجمهور وإعلان البرنامج الانتخابي، ومحاولة إقناع الجمهور بالنزاهة والوطنيّة ومحاربة الفاسدين، ولإطلاق الوعود الانتخابيّة المعروفة... فضلاً عن بث تقارير إخبارية عن تقديمات هذه الجمعية التابعة لهذا الحزب أو ذاك. وقد بلغت فاتورة الإطلالة في بعض البرامج التلفزيونيّة الأساسيّة إلى حوالي مائة ألف دولار أمريكي.

هذا ما كانت عليه كثير من المؤسسات الإعلاميّة في الاستحقاقات الانتخابيّة قبل الحراك الشعبي في #17تشرين 2019.. لكنّ هذه المحطة المفصليّة في التاريخ اللبناني فرضت فرزاً اجتماعياً وإعلاميّاً جديداً، انعكس على خطاب أبرز المؤسسات الإعلاميّة وسياستها التحريرية في أخبارها وبرامجها، فاجتهدت لدعم الحراك الثوري ومواجهة السلطة السياسية وتحميلها مسؤولية الانهيار الذي وصلنا إليه. وتبرز محطات (#MTV – #LBC – #الجديد) في مقدّمة هذه المحطات التلفزيونيّة المناهضة للطبقة السياسيّة ورموزها، من نواب ووزراء وشخصيات حزبيّة ناشطة.
وبمعزل عن نظرية المؤامرة التي يطرحها البعض، هل هذه القنوات التلفزيونيّة اعتمدت رسالة إعلاميّة ثورية عن قناعة بمواجهة فساد السلطة، أو لأسباب أخرى.. بمعزل عن صحة هذه الفرضيّة أم لا، كان خطاب تلك القنوات متناغماً مع حراك الشارع بشكل لافت، وداعماً لها، حتى ليخيّل إليك أحياناً في بعض البرامج أنك تشاهد "تلفزيون الثورة". وقد استندت مجموعات الحراك ورموزه إلى تلك #القنوات_التلفزيونية في الظهور الإعلامي وتسويق الحملات والدعوة للتحركات الميدانيّة.. وهذا فعل جيد يقدّر لتلك القنوات التلفزيونيّة.


لكن، مع إطلاق وزارة الداخليّة صفارة بدء #الاستحقاق_الانتخابي وفتح باب الترشيح، وبدء الحملات الانتخابيّة للأحزاب في لبنان، إذا بنا نفاجأ ببعض تلك القنوات التلفزيونية "الثورية" تعود إلى سابق عهدها في استضافة مرشحي أحزاب السلطة، الذين كانت هي نفسها (الشاشات) تنتقدهم وتصوّب سهامها عليهم طيلة السنتين السابقتين، عبر أخبارها وبرامجها السياسيّة والمنوّعة.. إذا بها اليوم تستضيفهم هم أنفسهم (الفاسدون) في برامج انتخابيّة خاصة، مثل البرنامج الجديد "#سؤال_انتخابي" للإعلامي #طوني_خليفة على قناة lbc، أو ضمن برامج حوارية مثل برنامج "#صار_الوقت" على MTV وغيره من فقرات سياسيّة حوارية.. هذه الاستضافات تصبّ - بطبيعة الحال - في تحسين الصورة والترويج لهذا المرشح "الفاسد سابقاً".. وفق بدل ماليّ، تستفيد منه هذه المؤسسة التلفزيونيّة.
كي نكون منصفين في الطرح، فإنّ المؤسسات الإعلاميّة في لبنان تواجه أزمة مالية كبيرة، دفعتها إلى خفض الإنتاج والتراجع في المعايير التقنية، وحتى اضطرت بعض المؤسسات لصرف موظفين.. هذا واقع لا يخفى على أحد، وبعض المؤسسات الإعلاميّة تواجه خطر الإقفال بسبب الأزمة الماليّة.

هل هذا الواقع يبرّر لمنابر إعلاميّة كانت تتبنّى خطاب الثورة والتغيير وإسقاط الطبقة السياسيّة الحاكمة، أن تسخّر شاشتها لتلميع صورة مرشح كانت تصفه بالفاسد وبأنه من أسباب الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان؟
أحسب أنّ الإجابة ليست بهذه السهولة، وأسمح لنفسي أن أقول بأنّ هذا التناقض يمكن أن ندرجه ضمن باب "الضرورات التي تبيح المحظورات" كي تحافظ المؤسسة الإعلامية الواقعة في عجز مالي كبير على استمرارها، ووضعها لا يشبه وضع مؤسسات إعلامية حزبيّة صرف، تقوم الجهة المالكة "الحزبيّة" بتمويل كامل نفقاتها، مثل #قناة_المنار مثلاً، التي لا تجد نفسها مضطرة لمثل هذه الضرورات، فهي مموّلة بالكامل وإدارتها مرتاحة من همّ تأمين نفقات التشغيل.

لكن على الأقل، يمكن لتلك المؤسسات الإعلامية التي تقع في حالة الضرورة هذه، أن تحسن إخراج هذا السلوك القسري، عبر تحقيق توازن بين استضافات الضرورة لتحقيق منفعة مادية، وبين رسالة إعلاميّة وطنيّة مناهضة لفساد رموز السلطة، تتبناها وتبثها المؤسة الإعلاميّة عبر برامج وبروموهات إعلانيّة توعويّة.. وأيضاً هذا التوازن يمكن أن يتحقق من خلال الالتزام بسقف الضرورة في الحوار، دون الانزلاق إلى تلميع الصورة ودعوة الجمهور للتصويت لهذا المرشح أو ذاك.

أيمن المصري

10/25/2021

إعلامنا اللبناني.. انقسام الأجندات

بقلم: أيمن المصري
يكاد يجمع المراقبون أنّ النسبة الأكبر من اللبنانيّين تتوزّع في انتمائها السياسي بين خطّين سياسيّين قائمَين في المنطقة العربيّة، الخط الأول هو ذاك المنتمي أو المؤيد للمشروع الإيراني، فيما يتمثل الخط السياسي الثاني بفكرة معارضة المشروع الإيراني وهيمنة أدواته في لبنان، ويربط البعض هذا المشروع بأجندة أمريكيّة، بغطاء خليجيّ.

ثمة فئة ثالثة - ولو قليلة - من اللبنانيّين، ترفض كلا المشروعين، وهي أعلنت رفضها العمل السياسي بالمطلق، لأنه تسبّب بخراب لبنان، بحسب رأيها.

يجب أن لا يغيب عن أذهاننا هنا أنّ كلاً من هذين المشروعين في لبنان له أجندة سياسيّة خاصة وأدوات وعدّة شغل، من أحزاب ومنابر إعلاميّة ومنظّرين في السياسة والثقافة والفن والإعلام، فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدني التي انتشرت بشكل لافت في الفترة الأخيرة.

وعند كل قضية خلافيّة، وهي كثيرة في لبنان، تنبري تلك الأدوات ويجري توظيف تلك المنابر للدفاع عن رؤيتها الخاصة حول القضيّة الخلافيّة، لاسيما عبر وسائل الإعلام، فتتصدّى المؤسسات الإعلاميّة – المموّلة أو المتأثرة بكل مشروع - للترويج لموقفها من تلك القضية الخلافيّة، ولإبراز مساوئ الموقف المغاير وخطره على لبنان. تقوم بتسويق هذه الدعاية السياسية سواء من خلال برامجها المتنوّعة أو نشراتها الإخبارية. ولم يتوقف هذا الانقسام عند الإعلام التقليدي (المكتوب والمرئي والمسموع) حصراً، بل انسحب على المنصّات الإلكترونية أيضاً.

ففي قضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، على سبيل المثال، وهي القضية الأكثر حضوراً واشتعالاً في الفترة الأخيرة، انقسمت المؤسسات الإعلاميّة في لبنان في اصطفاف سياسيّ حادّ، كل فريق يسوّق لرؤيته السياسيّة من التحقيق، وقد برزت محطتا المنار وNBN مقابل محطتَي MTV وLBC بشكل واضح وصريح كمتاريس إعلاميّة لكلا الرؤيتين.

أمام هذا المشهد الإعلامي المنقسم، لاسيما بين مؤسسات الإعلام المرئي، وجب القول إنه لا يحق لأيّ من منظّري الفريقين أن يتهم إعلام الآخر بأنه "إعلام مأجور مموّل من الخارج لخدمة أجندات خارجيّة". فإعلام الفريقين – بشكل كامل أو جزئيّ – مموّل من الخارج، بغضّ النظر عن جغرافيّة هذا الخارج.

ومعلوم أنّ تراجع السوق الإعلاني بشكل كبير والانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان، دفعا كثيراً من المؤسسات الإعلامية لمنزلق التمويل السياسي الخارجي.

علينا أن ندرك أنّ إعلامنا اللبناني بات – في معظمه – منقسماً في رسالته الإعلاميّة بين مشروعين استراتيجيين يتصارعان في لبنان، في انعكاس للصراع الخارجي، حيث قدّر للبنان أن يكون ساحة صراع أساسيّة للمشاريع الخارجيّة..

فلتتوقف اتهامات العمل لأجندات الخارجيّة، فكلاهما في ذلك سواء.

9/13/2021

ما ننتظره من وزير الإعلام الجديد

لعلّ وزير الإعلام #جورج_قرداحي هو من الوزراء القلائل في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الجديدة، الذين جاءت حقائبهم الوزارية مرتبطة بخبرتهم العمليّة في حياتهم المهنيّة.. وهذا ما ترك ارتياحاً في الوسط الإعلامي. ورغم الأزمتين الماليّة والاقتصاديّة التي يواجهها لبنان، الأمر الذي يعيق كثيراً من مشاريع التطوير، لكن ما يعانيه القطاع الإعلامي في لبنان ليس مالياً فقط، بل ثمة ملفات إعلاميّة بنيويّة تتطلب دراسات متخصصة وقرارات حاسمة.. وهذا ما نأمل من معالي وزير الإعلام الجديد أن يوفق في إنجازه - وهو الخبير بملفه - في هذه الفترة القصيرة من عمر الحكومة العتيدة.


وسأورد هنا بعض هذه الملفات التي أرى معالجتها ضرورة أساسيّة في القطاع الإعلامي:
1- يعاني لبنان انقساماً سياسيّاً وطائفيّاً حادّاً يضرب بعمقه مؤسسات المجتمع، وفي مقدّمها وسائل الاعلام. ورغم التجربة الإعلاميّة الرائدة في لبنان، لا زال الإعلام اللبناني حتى اليوم أسير الانقسامات السياسيّة والطائفيّة، بسبب ملكيّة معظم تلك الوسائل للأحزاب والقوى السياسية.. فهي تعمل على تحقيق المصالح السياسيّة الخاصة بتلك الأحزاب، بدل أن تلعب دوراً محورياً في تعزيز المواطنة وتوعية الجمهور لتغليب مصلحة الوطن على الولاء للزعيم أو الحزب أو الطائفة. ورغم أنّ المشرّع لحظ عند صياغة القوانين إجراءات تبعد المؤسسة الإعلاميّة عن الخطاب الآحادي الطائفي أو السياسي، لكن مشكلتنا في لبنان ليست في القوانين بل في الممارسة.. وبالتالي نجد أنّ وسائل الإعلام تساهم في زيادة الانقاسم اللبناني.

2- أيضاً في الرسالة الإعلاميّة، نصّت جميع القوانين والمواثيق المتعلقة بالإعلام في لبنان على تجنّب كل ما يثير النعرات الطائفيّة، تحصيناً للمجتمع اللبناني المتنوّع طائفياً ومذهبياً.. لكنّ العديد من وسائل الإعلام يقع في هذا المحظور. هذه النقطة والتي قبلها تتطلبان تفعيل دور المجلس الوطني للإعلام المكلّف بمراقبة أداء الإعلام المرئي والمسموع. وهذا المجلس حالياً شكليّ لا دور له.

3- يواجه الإعلام التقليدي في لبنان (المكتوب والمسموع والمرئي) تحدّياً كبيراً بسبب تراجع السوق الإعلاني، بفعل الأزمة الاقتصاديّة ومنافسة الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي.. وهذا ما يدفع الإعلام التقليدي أكثر باتجاه الارتهان السياسي لجهات محليّة أو خارجيّة. ولعل تحصين المؤسسات الإعلاميّة عبر الإعفاء من الرسوم وتنظيم السوق الإعلاني، يساعد في استقلاليّة المؤسسة الإعلاميّة وإغنائها عن الحاجة للتمويل السياسيّ.. وتالياً تبنّي الخطاب الوطني الجامع.

4- شهد الجسم الإعلامي في لبنان في السنة الأخيرة حالة هجرة لافتة إلى الخارج بسبب الأزمة المالية التي تأثرت بها المؤسسات الإعلاميّة بشكل كبير. وما نأمله من معالي وزير الإعلام حماية الجسم الإعلامي وتحصينه، لعدم اضطراره للفرار من بلده والسفر للخارج.

5- يفتقد العاملون في مؤسسات الإعلام المرئي والمسموع في لبنان إطاراً نقابيّاً رسمياً يحميهم من الملاحقات القضائيّة أو الاعتداءات، ويحفظ لهم حقوقهم الوظيفيّة مع مؤسساتهم.

6- لعلّ لبنان هو البلد الوحيد الذي يضمّ نقابتين للإعلام المكتوب بدل النقابة الواحدة، وهما: نقابة المحرّرين (للعاملين في المؤسسات الإعلاميّة المكتوبة)، و نقابة الصحافة (لمالكي الصحف). لكنّ هاتين النقابتين تفتقدان الحيويّة والميزانيّة لأداء الدور المطلوب منهما.

7- لا زال القطاع الإعلامي الإلكتروني في لبنان حتى اليوم يفتقد القوانين التي تنظم عمله، والمرجعيّة التي تشرف على أدائه وتحمي مصالحه.

8- في أول تصريح له، طلب وزير الإعلام المكلّف جورج قرداحي من المؤسسات الإعلاميّة "عدم استضافة السياسييّن والمحلّلين الذين يبشروننا دائماً بالجحيم". وأحسب أنّ أزمتنا الأساسيّة هي في السياسيّين أنفسهم الذين تقاسموا هذه الحكومة، قبل أن تكون أزمة إعلام. نأمل أن لا يكون هذا التصريح مؤشراً لخطة معاليه الإعلاميّة. فالحرّيات (المنضبطة) أهمّ ما يميّز لبنان. نريد أن نحافظ على الحريات، مع التزام المؤسسات الإعلاميّة بالمسؤوليّة الاجتماعيّة.

نستبشر بوزير الإعلام الجديد خيراً وهو البارع الضليع، ونأمل أن يوفق في معالجة هذه الملفات..

أيمن المصري

13/9/2021

2/13/2021

لماذا هذا الإحراج الدينيّ؟!


تابعنا الإشكالية الكنسيّة التي وقعت أمس إثر مشاركة أحد الكهنة في مأتم المغدور #لقمان_سليم والترنيمة الدينيّة المسيحيّة التي ألقاها الكاهن في المأتم، على اعتبار أنها ترنيمة خاصة بالموارنة أو بالكنيسة، ولا تقال في مأتم لمتوفى مسلم.
وقبلها وقعت إشكاليات مشابهة إثر مشاركة رجال دين مسلمين في شعائر دينية لأديان أخرى، بهدف إظهار التقارب الديني، ولتوجيه رسالة للجمهور أن مشكلتنا ليست في الأديان.
أقول، نعم بالتأكيد مشكلتنا في لبنان هي سياسيّة لا دينية أو طائفية، والزعماء يلبسونها لبوس الدين لشدّ العصب.. لكن لست أدري لماذا يعمد البعض إلى الإيغال في تصوير التلاحم الديني في لبنان بشكل يتجاوز الحدّ المنطقي؟!
ألا يمكن أن يظهر التقارب الديني لأديان مختلفة إلا إذا صلينا سوياً أو رتلنا معاً؟
ليس من الخطأ أن نعترف بأننا مختلفون في الدين، وبالتالي لكل عقيدته وشعائره وأحكامه الشرعية التي يؤمن بها، وعلينا أن نعترف أنّ بعض هذه المعتقدات عند الأديان هي متضاربة، فما يؤمن به المسلم غير ما يؤمن به المسيحي، وأيضاً بعض ما يؤمن به المسيحي يجده المسلم مخالفاً لدينه. ولو اعتقد أحدهما بصحة معتقد الآخر، لاعتنق دين الآخر.

 


 إذاً، وجب احترام هذا الاختلاف، وأن يتماهى سلوكنا مع هذا الإيمان.

وعليه، من الطبيعي إذا كان المتوفى مسلماً، أن يكون من يقوم بشعائر الدفن رجل دين مسلم، وكذا المسيحي، أو الطوائف المتفرعة من هذه الأديان.
فليترك لأهل المناسبة - الدفن أو غيره - أن يؤدّوا شعائرهم الخاصة بحسب معتقداتهم وأحكامهم.. ويحضر الآخر، الديني أو الطائفي، كمتفرّج. ليس مضطراً للمشاركة في تفاصيل الشعائر. المجاملة هنا لا تصحّ، وهي تتجاوز المقبول الديني، عند هذا الفريق أو ذاك.
وللأسف، تؤدي مثل هذه المشاركات الدينية المشتركة أحياناً إلى إرباك في المؤسسات الدينية، وتحدث هرجاً لدى المؤمنين.
من وجهة نظري المتواضعة، إن المبالغة في إظهار التقارب الديني هو "فولكلور" خارج الواقع، لا يثمر.
إنّ احترام الآخر يعني اعترافي بحقه في ممارسة شعائره وحقه في أن يؤمن بما يقتنع به، وليس أن أشاركه شعائره الدينيّة الخاصة.
مع كامل تقديري واحترامي لرجال الدين الظاهرين في الصورة.