3/04/2022

هل ينجح الإعلاميّون اللبنانيّون فيما فشل فيه الساسة؟

 بقلم: أيمن المصري

تكتسب الانتخابات النيابيّة في لبنان المزمع عقدها في منتصف أيار القادم ميزة استثنائيّة، فهي الانتخابات الأولى التي تجرى بعد الحراك الشعبي أو ما أطلق عليه «ثورة 17 تشرين» التي وقعت في نهاية سنة 2019، وأنتجت فرزاً جديداً ضمن القوى السياسيّة في لبنان، فبرزت «المجموعات التغييريّة» التي تسعى لإزاحة الطبقة السياسية التقليدية (أحزاب السلطة) من خلال خوض الانتخابات النيابيّة القادمة.. وفي هذا السياق أعلنت مجموعة من الإعلاميّين اللبنانيّين العاملين في تقديم البرامج والنشرات الإخباريّة، نيّتهم الترشح للانتخابات النيابية، مستندين إلى حضورهم الإعلامي على الشاشات اللبنانيّة، وخبرتهم في متابعة ملفات تهمّ الشأن العام.

ومن أبرز هذه الوجوه الإعلاميّة "التغييرية" التي قرّرت خوض الانتخابات النيابيّة:

الإعلامي غياث يزبك: مدير الأخبار والبرامج السياسيّة في قناة mtv.

أعلن ترشحه عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثالثة. وقد تقدّم يزبك باستقالته من مسؤولياته في المحطة التلفزيونية.

الإعلاميّة ماغي عون: مقدّمة برامج في الفترة الصباحية المباشرة على قناة الجديد.

أعلنت ترشيحها عن المقعد الماروني في دائرة البقاع الغربي – راشيا.

الإعلاميّة غادة عيد: قدّمت برامج تلفزيونيّة لسنوات عديدة على شاشتَي الجديد وmtv، تتعلق بمحاربة الفساد. وهي تتابع حالياً تقديم برنامج «مشروع دولة» على شاشة mtv.

وقد تقدّمت غادة عيد بطلب ترشيحها عن المقعد الماروني في دائرة الشوف – عاليه.

الإعلامي رياض طوق: مقدّم برامج تلفزيونيّة في محطة mtv تتعلق بمواجهة الفساد، آخرها برنامج «باسم الشعب». وقد أعلن ترشيحه عن المقعد الماروني في قضاء بشري، ضمن لائحة «ائتلاف شمالنا».

الإعلاميّة ليال بو موسى: صحافيّة استقصائية ومقدّمة برامج في قناة الجديد، آخرها برنامج «يسقط حكم الفاسد»، وتعمل في الوقت نفسه مراسلة للمحطة نفسها.

أعلنت ترشحها عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثالثة، أيضاً ضمن لائحة «ائتلاف شمالنا».

الإعلامي بسام أبو زيد: مقدّم نشرات إخبارية ومذيع على قناة LBC.

أعلن نيّته الترشح عن مقعد الروم الكاثوليك في دائرة المتن.

وهنا تطرح إشكاليّة قانونيّة مع استمرار بعض هؤلاء الإعلاميّين المرشحين مزاولة عملهم على الشاشات، الأمر الذي يوفر لهم فرص ظهور إعلاميّ أكثر من غيرهم من المرشحين.. وهذا يرتب مخالفة قانونيّة لقواعد الدعاية والحملات الانتخابيّة. علماً أنّ "هيئة الإشراف على الانتخابات" وضعت نظماً وقواعد للظهور الإعلامي والحملات الانتخابيّة للمرشحين على وسائل الإعلام، ضماناً لتكافؤ الفرص أمام المرشحين في الإطلالات الإعلاميّة.


الانتخابات على الشاشات:

أما عن مواكبة القنوات التلفزيونية اللبنانية للانتخابات النيابيّة، فمن المعروف أنّ الموسم الانتخابي يعدّ فرصة ذهبيّة للمؤسسات التلفزيونيّة على وجه الخصوص، حيث يدرّ عليها دخلاً مالياً كبيراً من المرشحين الذين يقصدونها لعرض برامجهم الانتخابيّة وتحقيق الحضور الإعلامي أمام الجمهور.. فتخصص تلك القنوات في برمجتها برامج ولقاءات وتقارير وإعلانات انتخابيّة خاصة مدفوعة الثمن.

وكانت قناة LBC هي السبّاقة في إطلاق صفارة الانتخابات النيابيّة، إذ بدأ الإعلامي طوني خليفة قبل أسابيع عرض برنامجه «سؤال انتخابي»، يستضيف فيه وجوهاً مرشحة للانتخابات النيابيّة، ويشارك في كل حلقة الخبير الانتخابي ربيع الهبر لعرض أرقام الدائرة الانتخابيّة التي تخصّ الضيف المرشح، إلى جانب فقرة الإعلامي يزبك وهبة للإضاءة على ديموغرافيا وواقع هذه الدائرة الانتخابيّة.

ولأنّ “لبنان في المرتبة الـ 15 بين 17 دولة عربيّة لجهة التمثيل النسائي في البرلمان، والمرأة اللبنانية المُتعلّمة والموظّفة والأم التي تعمل تماماً كالرجال، ليس لها في البرلمان اللبناني أكثر من خمسة بالمئة. كان الهدف 50/50 بالسياسة، ولكي نصل إليه، ينطلق برنامج «50/50». هذا ما قاله الإعلامي سامي كليب في تعريفه عن برنامجه الانتخابي النسائي الجديد على قناة LBC، الذي يهدف إلى دعم حق المرأة اللبنانيّة في الوصول الى مواقع صنع القرار السياسي، فيستضيف مُرشّحات من جميع الانتماءات، ويحاورهنّ في برامجهنّ الانتخابيّة.

محطة mtv من جهتها، خصّصت منصّة إعلاميّة أسمتها «برنامجك»، تتيح فيه للمرشحين بأن يعرضوا أفكارهم، حيث «يجيب الضيف على مجموعة من الأسئلة والمواضيع لمعرفة إلى أيّ مدى تتماشى مع أفكاره، وأين سيكون موقفه من الملفات الأهم بعد الاستحقاق النيابي»، بحسب تعريف البرنامج. ويتولى تقديم البرنامج الإعلاميّان جان نخول وغراسيا أنطون.

فيما أفرد الإعلامي مارسيل غانم في برنامجه الأسبوعي «صار الوقت» على المحطة نفسها، فقرة خاصة لاستضافة شخصيات الصف الأول المرشّحة للانتخابات.

يذكر أنّ قناة mtv اعتمدت منذ أشهر ختم مقدّمة أخبارها المسائيّة اليومية بعبارة: «يا لبنانيّي، أوعا ترجعوا تنتخبوهن هنّي ذاتهم»، في توظيف انتخابي يومي لمظاهر الانهيار الذي يشهده لبنان، سواء على الصعيد الاقتصادي أو المالي والمعيشي.

ولا تختلف قناة الجديد عن هذا الاستثمار الإعلامي في الاستحقاق الانتخابي، فأطلقت برنامج «عالبرنامج» للإعلامية نانسي السبع، تركز فيه على استضافة المرشحين في حوار وجهاً لوجه حول برنامجهم الانتخابي. في المقابل، أطلقت الإعلامية سمر أبو خليل برنامج «بتفرق عَ وطن» الذي يتوقع أن يحجز مكاناً مهماً له ضمن سلّة البرامج الانتخابيّة، لما تتمتع به أبو خليل من عمق وخبرة من الحوارات السياسيّة.

أما قناة nbn (المحسوبة على رئيس المجلس النيابي نبيه بري) فقد خصّصت برنامجاً أسبوعياً حمل عنوان «نحو البرلمان» تقدّمه الإعلاميّة أمل حاضر. وفي تصريح خاص لصحيفة الأخبار اللبنانيّة، قال رئيس مجلس إدارة قناة nbn قاسم سويد أنّ البرنامج الذي يبدأ عرضه في منتصف فبراير/شباط الحالي سيتناول سيَر المرشحين والدوائر الانتخابية. ولفت إلى أن القناة تتحضّر لتقديم فقرة يوميّة انتخابيّة ضمن نشرة الأخبار المسائية، إضافة إلى تقارير يوميّة من وحي المناسبة.

وعلى نسق ما ابتدعته قناة mtv في مقدّمة نشراتها الإخبارية، فقد استحدثت قناة OTV (المحسوبة على فريق رئيس الجمهورية ميشال عون) بدعة إعلاميّة جديدة، عبر استخدام اللغة العامّية بعد الفصحى في استهلاليّة النشرات الإخباريّة، فأوردت القناة في مقدّمة إحدى نشراتها الإخبارية: «تذكّروا يا لبنانيات ويا لبنانيين. إنه لأ، مش كلن يعني كلن. لما تفكروا بالانتخابات، حرّروا عقلكن وقلبكن من كل المؤثرات والضغوطات، وساعتها انتخبوا مين ما بدكن، بكل حرّية ومسؤوليّة».


قواعد قانونيّة في التغطيات الإعلاميّة:

نصّ قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44 للعام 2017 على أن تتولى «هيئة الإشراف على الانتخابات» مهمّة وضع قواعد سلوك للتغطية الإعلاميّة للحملات الانتخابية وعمليات الاقتراع والفرز، بالإضافة إلى مراقبة تقيّد وسائل الإعلام على اختلافها (المرئيّة والمسموعة والمكتوبة والإلكترونيّة) بهذه القوانين والأنظمة التي ترعى المنافسة الانتخابيّة. ومن أبرز هذه القواعد المتعلقة بالتغطيات الإعلاميّة:

- لا يجوز لأية وسيلة من وسائل الإعلام الخاص إعلان تأييدها أيّ مرشح أو لائحة انتخابيّة.

- يترتب على الهيئة أن تؤمّن التوازن في الظهور الإعلامي بين المتنافسين من لوائح ومرشحين، بحيث تُلزم وسيلة الإعلام، لدى استضافتها لممثل لائحة أو لمرشح، أن تؤمّن بالمقابل استضافة منافسيه بشروط مماثلة لجهة التوقيت والمدة ونوع البرنامج.

- تحدّد الهيئة المساحة القصوى لكل وسيلة إعلاميّة أو إعلانيّة لأجل بث أو نشر برامج إعلاميّة أو إعلانيّة تتعلق باللوائح أو المرشحين، كما تحدّد أوقات بث أو نشر هذه المساحات.

- تراعي الهيئة في تحديد المساحات الإعلاميّة القصوى وتوزيعها، حق المرشحين في المساواة في الظهور الإعلامي، ضمن حدود القانون والمنافسة الانتخابيّة المشروعة.

- ابتداءً من الساعة الصفر اليوم السابق ليوم الانتخابات، ولغاية إقفال صناديق الاقتراع، يحظر على جميع وسائل الإعلام بث أيّ إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر، باستثناء ما يصعب تفاديه من صوت أو صورة لدى التغطية الإعلاميّة على نقل وقائع العمليّة الانتخابيّة.

كما تلزم «هيئة الإشراف» المؤسسات الإعلاميّة تخصيص «ثلاث ساعات أسبوعياً على الأقل، خلال فترة الحملة الانتخابيّة، لأجل بث برامج تثقيفية انتخابيّة».

هذا ويقفل باب الترشيح للانتخابات النيابية في 15 آذار القادم، لتنطلق الحملات الانتخابيّة بشكل أكثر تركيزاً، وصولاً إلى يوم الاقتراع في 15 أيار في مختلف الدوائر الانتخابيّة.

هل تحقق هذه الوجوه الإعلاميّة تغييراً في المشهد السياسي في لبنان في حال وصولها إلى الندوة البرلمانيّة؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق