10/25/2021

إعلامنا اللبناني.. انقسام الأجندات

بقلم: أيمن المصري
يكاد يجمع المراقبون أنّ النسبة الأكبر من اللبنانيّين تتوزّع في انتمائها السياسي بين خطّين سياسيّين قائمَين في المنطقة العربيّة، الخط الأول هو ذاك المنتمي أو المؤيد للمشروع الإيراني، فيما يتمثل الخط السياسي الثاني بفكرة معارضة المشروع الإيراني وهيمنة أدواته في لبنان، ويربط البعض هذا المشروع بأجندة أمريكيّة، بغطاء خليجيّ.

ثمة فئة ثالثة - ولو قليلة - من اللبنانيّين، ترفض كلا المشروعين، وهي أعلنت رفضها العمل السياسي بالمطلق، لأنه تسبّب بخراب لبنان، بحسب رأيها.

يجب أن لا يغيب عن أذهاننا هنا أنّ كلاً من هذين المشروعين في لبنان له أجندة سياسيّة خاصة وأدوات وعدّة شغل، من أحزاب ومنابر إعلاميّة ومنظّرين في السياسة والثقافة والفن والإعلام، فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدني التي انتشرت بشكل لافت في الفترة الأخيرة.

وعند كل قضية خلافيّة، وهي كثيرة في لبنان، تنبري تلك الأدوات ويجري توظيف تلك المنابر للدفاع عن رؤيتها الخاصة حول القضيّة الخلافيّة، لاسيما عبر وسائل الإعلام، فتتصدّى المؤسسات الإعلاميّة – المموّلة أو المتأثرة بكل مشروع - للترويج لموقفها من تلك القضية الخلافيّة، ولإبراز مساوئ الموقف المغاير وخطره على لبنان. تقوم بتسويق هذه الدعاية السياسية سواء من خلال برامجها المتنوّعة أو نشراتها الإخبارية. ولم يتوقف هذا الانقسام عند الإعلام التقليدي (المكتوب والمرئي والمسموع) حصراً، بل انسحب على المنصّات الإلكترونية أيضاً.

ففي قضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، على سبيل المثال، وهي القضية الأكثر حضوراً واشتعالاً في الفترة الأخيرة، انقسمت المؤسسات الإعلاميّة في لبنان في اصطفاف سياسيّ حادّ، كل فريق يسوّق لرؤيته السياسيّة من التحقيق، وقد برزت محطتا المنار وNBN مقابل محطتَي MTV وLBC بشكل واضح وصريح كمتاريس إعلاميّة لكلا الرؤيتين.

أمام هذا المشهد الإعلامي المنقسم، لاسيما بين مؤسسات الإعلام المرئي، وجب القول إنه لا يحق لأيّ من منظّري الفريقين أن يتهم إعلام الآخر بأنه "إعلام مأجور مموّل من الخارج لخدمة أجندات خارجيّة". فإعلام الفريقين – بشكل كامل أو جزئيّ – مموّل من الخارج، بغضّ النظر عن جغرافيّة هذا الخارج.

ومعلوم أنّ تراجع السوق الإعلاني بشكل كبير والانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان، دفعا كثيراً من المؤسسات الإعلامية لمنزلق التمويل السياسي الخارجي.

علينا أن ندرك أنّ إعلامنا اللبناني بات – في معظمه – منقسماً في رسالته الإعلاميّة بين مشروعين استراتيجيين يتصارعان في لبنان، في انعكاس للصراع الخارجي، حيث قدّر للبنان أن يكون ساحة صراع أساسيّة للمشاريع الخارجيّة..

فلتتوقف اتهامات العمل لأجندات الخارجيّة، فكلاهما في ذلك سواء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق