2/13/2023

في اليوم العالمي للإذاعة.. دعوة لتحديث المفهوم

لطالما ردّدنا سابقاً أن الراديو سيظل حاضراً في حياتنا اليومية مهما تطورت وسائل الإعلام، وذلك لتميز الراديو بخصائص ليست موجودة في بقية أنواع وسائل الإعلام التقليدي (المكتوب والمرئي) والإعلام الجديد (New media).. ومن أهم خصائص الراديو أن استخدامه لا يتطلب تشغيل حاسة البصر، فهو آلة سمعية فقط، حيث يمكن إنجاز الأعمال (قيادة السيارة أو أعمال مهنية أو منزلية) خلال الاستماع له. هذه الميزة يتفرد بها الراديو عن غيره، فلا يمكن قراءة الصحيفة أو مقالة على النت خلال إنجاز أعمال أخرى، لأنها تحجز حاسة البصر، والأمر نفسه بالنسبة للتلفزيون الذي يحجز حاستي السمع والبصر عند متابعته.

لكن اليوم، ومع تمسكنا بتفرّد الراديو بهذه الميزة، لكن الثورة المعلوماتية في أدوات الاتصال، طرحت أدوات إعلامية جديدة تتوفر فيها ميزة الراديو ومضافة لها ميزات أخرى، ما يجعلنا نتجاوز مصطلح الراديو إلى "الإعلام المسموع"، أي المادة الصوتية التي يتلقاها الجمهور.

هذه الوسيلة الجديدة هي Podcast التي حافظت على ميزات الراديو من أنها أداة سمعية يمكن خلال متابعتها إنجاز الأعمال أو قيادة السيارة، وأضافت لها ميزات أخرى تتماهى مع ما يحتاجه المستمع وما يختاره هو من برامج للاستماع بحسب رغباته واهتماماته، وأيضاً تراعي وقت المستمع، حيث تركت له أن يختار هو الوقت الذي يناسبه لمتابعة برامجه المفضلة.

فمعلوم أن خدمة "البودكسات" تتيح للمستخدم الاشتراك (المجاني طبعاً) بصفحات ومنصات من اختياره، وتتيح تنزيل الحلقات على الموبايل، بحيث يمكن للمستخدم أن يستمع لبرنامجه بحسب وقته هو، خلال انتظار موعد ما، أو خلال قيادة السيارة، أو خلال ساعات فراغه...

إذن، وفي اليوم العالمي للإذاعة (World Radio Day)، الذي أعلنته منظمة اليونسكو عام 2011، ثم اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012، للتأكيد على دوره الإيجابي (الراديو) في المجتمعات.. أجد أنه بات لزاماً تحديث المفهوم والمصطلح في هذه المناسبة.. ففي السابق كان يمكن للراديو أن يكون ممثلاً وحيداً للمحتوى الإعلامي المسموع، لكن اليوم لم تعد الحصرية للراديو، ولم يعد بالإمكان تجاهل التطور التقني في أدوات الاتصال.. وبالتالي علينا اختيار كلمة أرحب للتعبير عن المحتوى المسموع، فنحافظ على ميزات الراديو – أو الإذاعة – ونتماشى مع التحول الرقمي القائم في مجتمعاتنا.

نقطة ثانية في هذا السياق. معلوم أنّ (Radio&Tv) هو اسم التخصص الأكاديمي الجامعي المعتمد في كليات الإعلام في الجامعات. و"راديو - تلفزيون" في الكليات التي تعتمد اللغة العربية في مناهجها التدريسية.

هي دعوة أيضاً لاجتراح مصطلح جديد يتجاوز أداة الراديو للتعبير عن المحتوى المسموع. فلا يمكن تقديم مادة الراديو إنتاجاً وإعداداً للطلاب، ونتجاهل النقلة الكبيرة في المحتوى الإعلامي المسموع المتمثل اليوم بالـ Podcast. ولعل مصطلح Audio قد يكون بديلاً مناسباً عن الراديو، فيعبّر عن أي محتوى مسموع، بمعزل عن الوسيلة المستخدمة للاستماع.

ختاماً، مهما تنوّعت وسيلة البث (راديو أو بودكسات أو أيّ وسيلة أخرى)، يظل للكلمة المسموعة ألقها وسحرها، وقدرتها على إثارة الخيال.

أيمن المصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق