4/23/2018

الجماعات الدعوية في الاستحقاق الانتخابي

بقلم: أيمن المصري 
تزخر ساحتنا الإسلامية في لبنان بعدد وافر من الجمعيات الناشطة في الميدان الدعوي، وتتنوع مجالات عملها، فمن جمعية تخصصت في العمل التربوي، وأخرى في العمل الطلابي، وثالثة في الاجتماعي، والنسائي، فضلاً عن المجموعات الدينية... وهذا التنوّع فضل من الله، بحيث يتكامل عملها لتخدم جميعاً المسار الدعوي العام. 
وتتباين نظرة هذه الجمعيات تجاه العمل السياسي، فمنها من يقاطع، ومنها من يشارك، ومنها من يتبنى موقف جماعة إسلامية أخرى تثق بها تعمل في المجال السياسي. 
لن أتحدث عن جمعيات توجّه دعمها الشعبي أو الانتخابي إلى فريق سياسي يتبنى خطاً علمانياً، رغم وجود مرشحين أكفاء من الساحة الإسلامية.. فتلك عوارها بيّن. 
سأعرض لنموذج آخر له باع في العمل الدعوي، وانسجاماً مع موقفه المبدئي في الامتناع عن أيّ عمل سياسي أو انتخابي لقناعة معينة.. امتنعت هذه الجماعات عن توجيه أفرادها ومؤيديها لدعم مرشح معين في الانتخابات، وتركت لهم حرية الخيار بين المرشحين، بحسب ميول العائلة أو الزوج أو بحسب صلة القرابة أو... 

ومع الاعتراف بفضلها الكبير، أودّ أن أتوجه إلى هذه الجماعات الدعوية لأقول: 
إن من أهم أهداف مشاركة التيار الإسلامي في العملية السياسية في لبنان هي حفظ مصالح المسلمين، ومنع التعدي على حقوقهم، ورفع الأذى عنهم حين يقع.. فهل هذا الأمر لا يعنيكم؟ 
وإذا كان مجال عملكم يفرض تجنّب أيّ مشاركة سياسية، فما يمنع من توجيه أصوات أفرادكم ومناصريكم إلى مرشح إسلامي يحمل صوتكم إلى الندوة البرلمانية التي قد تشرّع لقوانين تخالف دينكم؟ وفي حال غياب مرشح إسلامي في دائرة انتخابية ما، يمكن اختيار الأقل ضرراً. 
هل يمكن أن تتركوا الخيار لأفرادكم - من منطلق بعدكم عن السياسة - دون أيّ توجيه لمعايير الاختيار، لجهة الكفاءة ونظافة الكف أو العمل لمصلحة المسلمين في البلد؟ 
هل يمكن القبول باختيار مرشح لا يضع في برنامجه الحفاظ على خصوصياتنا كمسلمين في لبنان، من خلال حماية قانون الأحوال الشخصية ومحاكمنا الشرعية؟ وتعلمون ما يتعرض هذا النظام من محاولات لتعطيله (الزواج المدني وغيره). 
أو التصويت لمرشح لا يواجه محاولات التناتش بين ملوك الطوائف، فيقبل أن يقتطع من حقوق طائفتنا في المواقع والوظائف الرسمية؟ 
هل يمكن اختيار مرشح لا يعمل للإفراج عن الموقوفين الإسلاميين المظلومين؟ 
لا يضيركم أن يختار أفرادكم مرشحين يلتزمون خط مشروع سياسي علماني مناوئ للساحة الإسلامية؟ 
لعله من الأفضل أن تلزموا أفرادكم بمقاطعة الانتخابات، فهذا أقل ضرراً من أن تتركوا لهم الخيار دون أي توجيه لمعايير الاختيار. 
إلى قيادات تلك الجماعات الدعوية الفاضلة.. صوت أفرادكم ومؤيديكم في الانتخابات ليس عملاً سياسياً بل جزء من مسؤوليتكم الدعوية.

بيروت 23/4/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق