بقلم: أيمن المصري
أتذكر في مرحلة طفولتي في السبعينات، لم يكن لدينا في المنزل تلفزيون، لأسباب تربوية أو ربما مادّية. كنا ننتظر موعد المسلسل التلفزيوني الأسبوعيّ "أبو سليم الطبل"، فنقصد بيت جيراننا في المبنى أنا وإخوتي كي نشاهده على شاشتهم، ثم نعود إلى المنزل متحسّرين، أننا مضطرون كل أسبوع لقصد بيت الجيران لمتابعة برنامجنا المحبّب "#أبو_سليم". وهكذا كل أسبوع، حتى شاء الله أن يدخل التلفزيون منزلنا، طبعاً الأبيض والأسود. وكان اقتناؤه بالدرجة الأساسيّة لغرض متابعة مسلسل "أبو سليم"، على التلفزيون الرسمي، وأذكر أن موعده الأسبوعي كان يوم السبت.
ثم تلاها المسلسلات "الأبواب السبعة" ثم "سيارة الجمعية" مع فرقة "أبو سليم الطبل".
تشكّل مسلسلات "أبو سليم" جزءاً أساسياً من ذاكرتنا الجميلة نحن أبناء ذاك الجيل عن طفولتنا.. فهي التي كانت المنفس الأساسيّ لنا للفكاهة البريئة والجميلة، قبل عصر الإنترنت والفضائيات ومواقع التواصل والهواتف الذكيّة.
كنا نحب مسلسلات "أبو سليم" لأنها كان تشبهنا، ببساطتها وعفويتها، وتضحكنا مواقفها عن غير شعور منّا.
ما جعلني أستحضر هذه الذكريات عن "أبو سليم" هو حلقة برنامج #قلبي_اطمأنّ التي اختارت "أبو سليم" لتقديم الإعانة لها.
لقد تألّمت – ومثلي كثيرون – عند مشاهدة الحلقة ودمعت أعيننا، وبمعزل عن الفلسفة الخاطئة لبرنامج "قلبي اطمأنّ" والتي سبق أن طرحتها في منشور سابق، لكن حديث "أبو سليم" خلال الحلقة عن افتقاده الضمان الصحي وهو بعمر الثانية والتسعين، دفعني للعودة إلى الإنترنت للبحث عن مسيرة تكريم الفنان "أبو سليم". فوجدت أن رئيس الجمهورية كرّم الفرقة، والسفارة السعودية كرّمتها، ومحطات تلفزيونية وإذاعية ومؤسسات عديدة.
مشكورة كل تلك الجهات على التكريم، لكن هذا النوع من التكريم لا يكفي مَن هم في حالة فرقة "أبو سليم". الاستضافة وتقديم الدرع والتقاط صورة رسمية، هي بالحقيقة تكريم للجهات المكرِّمة (بكسر الراء) وليس المكرَّمة (بفتح الراء).
ولقد استغربت أنه بعد سلسلة التكريمات هذه، لا زالت أيقونة التراث الفني اللبناني "أبو سليم" من دون ضمان صحيّ، ويعتاش على أهل الخير.
التكريم الحقيقي لمثل هذه القامات الكبيرة، أن نحفظ لها كرامتها، وأن نوفر لها أدنى مقوّمات العيش الكريم، لاسيما وهي في مراحلها الأخيرة من العمر..
فنحميها من ذلّ السؤال، أو من ذلّ تقبّل الإعانات أمام الملأ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق