بقلم: أيمن المصري
سيّدي الطيب رجب أردوغان.. تحيّة طيبة، وبعد
نهنئك نحن الشباب العربي بفوز حزبك في الانتخابات البلدية الأخيرة، ونهنئ أقراننا الشباب الأتراك بزعيم استثنائي مثلك.
أخاطبك وأنا أحد الشباب المنتمين إلى الساحة الإسلامية في العالم العربي، والذين تابعوا #الانتخابات_التركية وتفاعلوا مع نتائجها وكأنها انتخابات بلادهم، بل أكثر.
اسمح لي يا سيدي أن أنقل لك هذا المشهد الذي ترافق مع انتخاباتكم الأخيرة.
بعد فوز حزبك، لم تطلق أوصاف التعظيم والتبجيل على زعيم سياسيّ إسلاميّ كما أطلقت عليك: "زعيم الأمة، الفاتح، مجد الخلافة، القائد الإسلامي..."، وجعلوا منك إماماً منزّهاً. وما أشطرنا – نحن العرب - بصناعة التماثيل واستيلاد العظماء.
شئت أم أبيت.. لقد تحوّلت رمزاً عربياً وإسلامياً وحركياً، لشعوب مهزومة بل مطعونة من ساسة بلدها، ولشباب محبط من هزالة تجارب أحزابه في العمل العام.
انتشينا لفوزك واعتبرناه انتصاراً للتجربة الإسلامية في الحكم، وبات شبابنا ينادي باستنساخ التجربة التركية.
تربينا في الحركة الإسلامية أن نتجنب تعظيم الأشخاص، لكننا اندفعنا لتعظيم شأنك.. وعلّمنا ديننا عدم الشماتة، لكننا ما استطعنا إلا أن نشمت بخصومك، من الأعراب والفرس، فضلاً عن خصوم الداخل.
عين الرضا دفعتنا - لا شعورياً – لاختلاق الأعذار والتبريرات لأيّ إجراء تتخذه، ولو فعله غيرك من الحكام لأشبعناه قدحاً واتهاماً بالظلم والقمع.
سيدي الطيب أردوغان..
كيف نقنع من يصرّ من شباب الحركة الإسلامية على اعتبارك تمثل جناح الإخوان المسلمين في تركيا؟
وماذا نقول لمن يجلدون أنفسهم باستصغار أعمالهم وتجاربهم حين يرون إنجازاتك الكبيرة؟
اسمح لي أن أتهمك فأقول لك: لقد أتعبت أقرانك.
قل لهم يا سيدي أن النجاح في العمل السياسي الإسلامي ليس في رفع الأذان وقت الصلاة في مجلس الشعب، أو إقامة صلاة الجماعة في القصر الجمهوري، أو صيام الإثنين والخميس.. فلقد انتخبتهم الشعوب لخدمتها ورعاية شؤونها ومعالجة مشاكلها الحياتية.. أما الجوانب التعبدية، فهي شؤون خاصة بين العبد وربه.
أخبرهم أن أحب الخلق إلى الله "أنفعهم لعياله"، حتى لو لم يكن معمّماً أو ملتحياً أو منتمياً إلى تنظيم إسلامي ما..
قل لهم يا سيدي أن لكل قطر ظروفه المختلفة، وما يصلح في قطر لا يشترط أن يصلح في قطر آخر.. فلا تجلدوا أنفسكم. ومن الظلم مقارنة التجربة التركية مع تجربة قطر آخر دون أيّ اعتبار للفروق الكبيرة، سواء لجهة مدة التجربة، أو ظروف البلد وطبيعته المختلفة.
أخبرهم أن تربيتك في صفوف الحركة الإسلامية خلال شبابك ساهمت بشكل كبير في صياغة وعيك الفكري والسياسي، لكن الحركة لا تحتكر عقلك ولا عملك، وأن العمل للإسلام أرحب وأوسع من أن يقيّد في إطار حزبيّ.
وأعود لأتوجه إليك فأقول:
هذا الحب يا سيدي يحمّلك مسؤولية كبيرة في الحفاظ على هذا الرصيد، في وقت نتعطش لزعيم إسلاميّ قدّم نموذجاً ناجحاً في الإدارة والاقتصاد والحكم، كما قدّمت أنت.
وبالمناسبة، نتمنى أن تعود عن قرار حظر خدمة "التويتر واليوتيوب" في تركيا حفاظاً على صورتك الحضارية الراقية، كما نتمنى أن لا تفجعنا بخبر توقيع اتفاقية عودة العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني.
لك مني كل التحية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق