بقلم: أيمن المصري
كثيراً ما يتحدث الناس عن الامتيازات والمكاسب العديدة التي يتمتع بها الإنسان إذا كان ابن مسؤول، سياسيّ أو حزبيّ.. لكني سأعرض هنا جوانب سلبية لا تظهر للناس يواجهها "ابن المسؤول الإسلامي"، لاسيما إذا كان الأخير مغالياً في "ركن التجرد"، ومتشدداً بالتزام المفهوم الإسلامي للمسؤولية أنها "تكليف لا تشريف". وبطبيعة الحال ليس كل قياديّ في الساحة الإسلامية يتحلى بهذا التجرد.
وللإنصاف، لا بدّ لي أن أشير إلى نقطة مهمّة وهي: أن يكون والد أحدنا قيادياً في العمل الإسلامي فهذه نعمة يمنّ الله بها عليه، لا ننكر حسناتها على الصعيدين التربوي والفكري. لكني رغبت أن أعرض المقلب الآخر، من خلال تسليط الضوء على مواقف محرجة يمرّ ببعضها - أو كلها – "ابن المسؤول".
• إذا كنت "ابن المسؤول"، فعند كل جلسة تعارف يحضر السؤال التلقائيّ: "أنت ابن فلان"؟ فتكون هويّتك هي "ابن المسؤول" وليس فلان الفلاني.
• إذا كنت "ابن المسؤول"، قد يبالغ الآخرون بإكرامك – وهذا جميل منهم - لكن ليس لشخصك أو عطائك وجهدك، إنما لأنك "ابن المسؤول". وليس كل الناس يتقبّل هذا.
• إذا كنت "ابن المسؤول"، ستتحوّل إلى ساعي بريد لتوصيل السلامات والتحيات لأبيك المسؤول.
• إذا كنت "ابن المسؤول"، قد تدفع ثمن قرار قاسٍ اتخذه والدك المسؤول، فتفاجأ بمعاملة سيئة من بعض المتضررين من القرار.
• أيضاً قد تتحوّل إلى صندوق بريد يوجّه من خلالك أشخاص أو جهات داخلية أو خارجية رسالة (بالمعنى الواسع للرسالة)، للضغط على والدك "المسؤول"، أو توصيل فكرة معينة له.
• إذا كنت "ابن المسؤول"، وجمعك اجتماع إداريّ برئاسة والدك، فإنه – لإثبات تجرّده ونفي تهمة الانحياز لولده – قد يبالغ بالتضييق عليك.
• وفي هذا الاجتماع إذا وقعت مشادّة أو خلاف في الرأي بينك وبين والدك المسؤول، فإن هذا الخلاف سينعكس على علاقتك الشخصية معه، وأنت مأمور ببرّ أبيك. الموقف ليس سهلاً.
• إذا كنت "ابن المسؤول"، فالمجهر مسلّط عليك حيث يعمد بعض الصائدين في الماء العكر لتضخيم أيّ خطأ تقع فيه، ولربما توظيفه في صراع سياسيّ أو مناكفة حزبيّة داخلية، يُستخدم ضدّ والدك "المسؤول".
• وإذا وقعت في خطأ ما، فإن الخطأ لن يتوقف عندك بل يتجاوزك إلى والدك "المسؤول"، فتكون المصيبة عليك مصيبتين.
• إذا كنت "ابن المسؤول"، وتعمل في مؤسسة تابعة للمؤسسة التي يتبوّأ فيها والدك موقع مسؤولية، فإنك مهما نجحت أو أثبتّ جدارتك، فبعض الناس لا يرى سوى أنك وجدت في هذا المكان لأنك "ابن المسؤول".
• أيضاً.. إذا كنت "ابن المسؤول"، فأن تظهر عليك آثار النعمة، كأن تشتري سيارة جديدة أو تسافر للسياحة أو... هو أمر محرج أحياناً، حيث تخشى أن تلوكك ألسنة الناس.
• إذا كنت "ابن المسؤول"، ستكون مكشوفاً في نشاطك العام أو "الخاص"، وفي مرحلة الشباب الأولى يحب الشاب حالة السرّية والإخفاء، حتى عن أهله.
• إذا كان والدك كبيراً بالسن وحضرت معه نشاطاً عاماً كمؤتمر مثلاً، فستكون مقيداً بمتابعة شؤونه ورعايته، فتحرم من التركيز والمشاركة الفاعلة في المؤتمر وفعالياته.
• إذا كنت "ابن المسؤول" في تنظيم أو جمعية، فالناس تعتبر أنك حكماً يجب أن تكون عضواً فيها، وفي هذا الأمر مصادرة لحرية الفكر والرأي.
رغم هذه المواقف المحرجة أحياناً التي يمرّ ببعضها "ابن المسؤول" كلٌ حسب ظروفه، لكن حتى لو اجتمعت كلها في حالة واحدة، فإنها بالتأكيد تظل هامشية أمام نعمة أن يكون والده ناشطاً في العمل الإسلامي، فليحمد الله عليها في حياته.
وأنصح من مرّ بإحدى هذه المواقف وسببت له شيئاً من المعاناة النفسية أن يجتهد في إثبات نفسه لتجاوز صفة "الملحق"، فيعمد إلى فرض هويته الشخصية من نتاجه وعطائه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق