بقلم: أيمن المصري
أقفلت صناديق الاقتراع في محافظة بيروت على نسبة مشاركة متدنّية بلغت 18%، خالفت التوقعات وتركت رسائل سياسية واجتماعية عديدة، رغم التنافس المحموم الذي شهدته العاصمة بين لائحتين بلديتين أساسيتين، ولوائح متناثرة هنا وهناك. وفي قراءة لنتائج هذه الانتخابات يمكن تسجيل التالي:
- لا زالت الأحزاب هي صاحبة الكلمة الفصل في المجتمع اللبناني، لاسيما في المدن.
- إذا كانت نسبة التصويت المتدنّية في بيروت تعكس حالة قرف الناس من الأحزاب والسياسيين، فقد بدا أن قرف الناس انسحب على البديل المطروح أيضاً.
- لم تنجح لائحة ما سمّي بالمجتمع المدني بكسب ثقة المواطن وإقناعه بالاقتراع له، علماً أن لديها ميزة إضافية تتمثل في تحميل كل الفساد الموجود في مدينة بيروت للائحة التي كانت تتولى شؤون العاصمة.
- عالم وسائل التواصل الاجتماعي لا يعبّر عن الواقع، ولا عن نصفه.. هو عالم افتراضي لا يبنى عليه شيء عمليّ.
- ليس كل من اقترع للائحة "بيروت مدينتي" مقتنعاً ببرنامج وكفاءة أعضاء اللائحة، لكن التصويت بني في معظمه على خصومة الأحزاب السياسية لاسيما تيار المستقبل.
- في المقابل، من اقترع لـ "لائحة البيارتة" لم يختر برنامج اللائحة، وأزعم أن معظم المقترعين لم يطلع على برنامجها الانتخابي. الاقتراع كان سياسياً وحزبياً بالدرجة الأولى.
- الناخب الأكبر في الاستحقاقات الانتخابية في لبنان هو عوامّ الناس، وليس النخب المثقفة.. ومعلوم أن خطاب الجمهور العام له خصائص معينة تعتمد على استثارة الغرائز والعواطف، وليس على البرنامج المقنع. وكما يقول علماء السياسة: إن نجاحك في العمل السياسي يعتمد على حسن خطابك للجمهور وجذبه، وليس قائماً على برنامجك السياسي.
- لا زالت تنقصنا نحن المجتمع اللبناني ثقافة المواطنة والتعايش مع الآخر، حيث اكتشفنا أننا نحمل في دواخلنا ثقافة إقصاء الآخر. هذا الإقصاء نفسه الذي ننكره على غيرنا من الأنظمة أو القوى والأحزاب.
- يغيب عن الكثير منا الفرق بين التحالف الانتخابي (القائم على مصلحة آنيّة تنتهي بانتهاء اليوم الانتخابي) وبين التحالف السياسي (القائم على مشتركات في البرامج السياسية) وبين التحالف الاستراتيجي (القائم على تقاطع في الرؤية والأهداف العامة).
- نجحت الجماعة الإسلامية في تعزيز حضورها وكسر حواجز "القلق" منها كفصيل إسلامي لدى الطوائف الأخرى.. لكن يبدو أن هذا الانفتاح قابله تقصير في تواصلها مع مكوّنات الساحة الإسلامية، التي كان لها سابقة تشكيل لوائح أخرى وعدم اعتماد الخيارات السياسية للجماعة كما جرت العادة في الاستحقاقات الانتخابية. وهذا ما يجب استدراكه.
- غياب ثقافة الاختلاف بين أبناء الساحة الإسلامية، حيث أطلق البعض سيل اتهاماته وتخوينه للجماعة لسبب عدم التزامها بما يراه هو. وهذا يضعنا في خانة واحدة مع أحزاب وتيارات أخرى، ندّعي أننا نتميز عنها بأخلاقنا وقيمنا وأدب اختلافنا.
- الحضور الاستعراضي اللافت لبعض الأحزاب في الطرقات وعلى أبواب مدارس الاقتراع لا يعكس بالضرورة حجم هذه الجهة انتخابياً. جمعية المشاريع نموذجاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق