بقلم: أيمن المصري
شاركت في ورشات عمل نظمتها مؤسسة #أديان، بحضور ناشطين في المجالات الإعلامية والدينية والتربوية.
وفي اللقاءات الحوارية متنوّعة الحضور من انتماءات دينية وطائفية متعددة، يقع البعض في التباسات، دفعني رصدها لتسجيل ملاحظات عامة، أجدها - من وجهة نظري - مهمة لنجري حوارات تؤدي إلى نتائج عملية:
- قد يقول قائل، ما الجدوى من المشاركة في حوارات تغلب عليها المجاملات، وفور انتهاء اللقاء يعود كل منا إلى متراسه. أقول: المشاركة في الفعاليات الحوارية المتنوعة تتيح لك فرصة طرح أفكارك وقناعاتك، فيسمعها "الآخر" منك وليس من إعلام قد يجد مصلحة ما في تشويهك، وثانياً تشكل لك المشاركة فرصة لتوضيح شبهات قد تثار حول انتمائك الديني أو الفكري، أو تصحيح نمطية عنك تشكلت لدى الرأي العام.
- من حسنات المشاركة في الفعاليات الحوارية أيضاً فتح الآفاق على واقع أنك لست تعيش وحدك في مجتمعك، بل ثمة ثقافات ومعتقدات أخرى، لها الحق في التعبير وفي ممارسة شعائرها، وقد يسيئها بعض ما تطرحه عنها، ولا بدّ من احترام أفكارها، تماماً كما تنتظر أنت منها أن تحترم وجودك ورسالتك.
- وأيضاً من الإيجابيات، أن تسمع من "الآخر" كيف ينظر لك ولطروحاتك، ولربما تسمع هواجسه منها، فتكون فرصة لتبديد تلك الهواجس، والانتباه إلى ما يثير قلقه منك في خطابك العام.
- من الخطأ أن نمارس في اللقاءات الدينية المتنوعة "التبشير" أو دعوة الآخر لديننا أو طائفتنا أو... فكل مشارك يتمسك بمعتقداته وأفكاره، مثلك أنت تماماً، إنما المغزى الأساسي من هذه الحوارات هو البحث عن المساحات المشتركة التي يمكن أن يلتقي عليها هذا الجمع المتنوّع، والتعاون فيما بينهم لتحقيق ما اتفقوا عليه، رغم اختلافهم الديني. وفي ذلك خير.
- واستتباعاً نقول: البحث عن المساحات المشتركة دون التنازل عن الاختلافات، لاسيما في المسائل الدينية. وبالتالي ليس مطلوباً ولا منطقياً أن يخرج المشاركون متفقين على رأي ديني واحد، فلقد خلقنا الله مختلفين، المهم أن نحترم هذا الاختلاف، وخصوصيات بعضنا البعض.
- درجت العادة أن تغلب المجاملات على الفعاليات الحوارية الدينية ويتركز اهتمامنا على الصورة والخبر الإعلامي. وهذا لن يثمر خيراً عملياً. علينا أن نمتلك الجرأة لنعترف باختلافنا ونحترم تلك الاختلافات، ثم نبحث عن القيم المشتركة لنتعاون فيها، تصديقاً للقاعدة الحوارية: نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه. فلنعرض الواقع، وقد يكون بشعاً، ثم نبحث في كيفية تخفيف سلبياته على المجتمع.
- ثمة فرق بين أن أكون واقعياً متجنباً للمجاملات في الحوار مع "الآخر"، وبين أن أنزلق لاستفزاز "الآخر"، من خلال استخدام مصطلحات أو نصوص تنفّره من الحوار وتبعده عني أشواطاً. الحكمة مهمة جداً في طرح الأفكار.
- أخيراً، لجان المتابعة هي من أهم ما يمكن أن يسجّل من مخرجات اللقاءات الحوارية، وما يمكن أن يوصل إلى نتائج عملية. وكلما نجحت آلية المتابعة في مأسسة عملها، تحققت أهداف هذا الحوار.
بيروت 25/11/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق