في بداية اهتمامي الإعلامي، أذكر أنني كنت أحرص على قراءة زاوية الأستاذ طلال سلمان ناشر #صحيفة_السفير، والذي كان يتمتع بأسلوب جاذب في الكتابة وأناقة في التعبير.. وفي إحدى المرات قرأت إعلان محاضرة له سيلقيها في عنوان ما، وطبعاً ذهبت لأسمع ممن أحرص على قراءة أفكاره.. لكني فوجئت عند سماعي له أن أسلوبه في العرض غير جاذب وصوته غير مريح للأذن..
الأمر نفسه حصل مع العلّامة الشيخ #يوسف_القرضاوي، الذي قرأت عدداً من مؤلفاته وتأثرت بمنهجه، لكن حين تابعت مقابلة تلفزيونية له وحضرت محاضرة له.. لم أجد المتعة التي أحصّلها عند قراءة كتاباته. ففضّلت متابعته بالقراءة، عن المشاهدة.
أردت بهذين المثالين أن أمهّد للتعليق على ظاهرة جديدة نشهدها على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الفترة، لاسيما بعد حالة الحجر المنزلي الذي نعيش، وإقفال المساجد ووقف الأنشطة العامة... حيث نلاحظ كثرة الإطلالات المرئية (فيديو) لشخصيات ثقافية ودينية واجتماعية... يتحدثون في مواضيع متعددة.
للأمانة، ليس الجميع موفقاً في إطلالاته، فمن حيث المبدأ، ليس كل الناس يصلح لأن يطلّ على الكاميرا.

في علم التصوير ثمة مصطلح معروف "وجه تحبه الكاميرا"، وفي المقابل ثمة وجه غير مريح أو غير جاذب على الشاشة. وليس المقصود هنا جمال الشكل، بل الحضور المريح في الوجه والأداء والصوت. وغياب هذا الحضور ليس فيه انتقاص أبداً من الشخص.. هي أرزاق موزّعة بين البشر.
علينا أن نعيَ أن الله تعالى وهب الناس مهارات وقدرات متفاوتة، فمنح إنساناً موهبة معينة وسلبه أخرى، وفي المقابل منح إنساناً آخر الموهبة الثانية ومنع عنه الأولى.
وعلينا أن نعرف أيضاً أن من برع في الكتابة، لا يشترط لزاماً أن يبرع في الإلقاء، أو العرض المرئي. والعكس صحيح، من أبدع في الإلقاء، قد لا يحسن كتابة فكرة واحدة في سطرين.
أقول هذا الكلام وليس في ذهني شخص بعينه، فالجميع نشكرهم على التفافهم على أزمة الحجر المنزلي وحرصهم على تقديم المعرفة للجمهور بما هو متاح من أدوات.. لكن فلينظر كل منا ما يبدع فيه، وليعرض فكرته من خلاله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق