بقلم: أيمن
المصري
لقد أحدَث ظهور
الإعلام الجديد (New Media) في بدايات العقد الماضي
تحوّلاً كبيراً في نمط حياتنا اليومية، وانعكس بشكل فاعل على آليات التواصل بين
الناس، وبدأنا نسمع مصطلح "صحافة المواطن" أو "كلّ مواطن
صحافيّ"، حيث بات بإمكان أيّ مواطن أن يكون صحفياً ينقل رأيه الخاص ومشاهداته
للعالم، دون الحاجة لأن يحمل شهادة في الإعلام أو أن ينتمي لمؤسسة إعلامية، وحتى
دون الحاجة لمؤسسة إعلامية تنشر أو تبث له.. وذلك لسبب رئيسي، أنّ أدوات العمل
الإعلامي باتت متوفرة بين يدي الجميع، يجمعها ذاك الجهاز الصغير: الموبايل.
هذه النقلة، مع
إيجابياتها الكثيرة لاسيما ما يتعلق بسرعة الوصول إلى المعلومة وسرعة النشر، ظهرت
معها سلبيّات بالمقابل، وتبرز هذه السلبيات بشكل أكبر عند الأزمات والكوارث، كتلك
التي نعيشها هذه الأيام: انتشار فايروس #كورونا.
فهل أخطر في
الأزمات من انتشار الأخبار المغلوطة بين المواطنين؟ وهل أضرّ عند الكوارث من تعميم
حالة التوتر والضغط النفسيّ بين الناس؟ أو أن يتصدّى غير أهل الاختصاص للفتوى
(الشرعية أو الطبية...)، فيكتب وينشر دون مراعاة أيّ معايير مهنيّة أو أخلاقية؟
من يفعل أيّ من
هذه الحالات، لا يحتاج أكثر من صفحة خاصة على الفايسبوك مع بضعة آلاف من
المتابعين!! أو "Group" على الواتسآب.
تخيّلوا معي -
مثلاً - هذا الخبر:
"شاهدت
اليوم سيارة إسعاف تنقل أحد العمّال في شركة (...)، بعد أن ظهرت عليه عوارض
الكورونا. انتبهوا. لا تذهبوا إليه".
هذا الخبر كفيل
بأن يضرب سمعة تلك الشركة خلال ساعة واحدة، ولم يكلّف الأمر أكثر من ثلاثين ثانية
مدة كتابة الخبر ونشره على إحدى منصّات التواصل. وسينتشر الخبر الكاذب بسرعة
كبيرة..
دعونا نستحضر
في الشهر الأخير كم شائعةً انتشرت عن فايروس كورونا، ثم تبيّن كذبها.. وكم صورة
نشرت الهلع في صفوف المواطنين، ثم نكتشف أن الصورة قديمة، أو أنّ مقطع الفيديو هو
لحادثة وقعت خارج لبنان.
لذلك، وأمام
هذه السلبيات التي أنتجتها ثقافة "صحافة المواطن"، وأبرزها غياب
المصداقية وعدم التزام المعايير المهنيّة في الإعداد والنشر.. لا بدّ لنا من ضوابط
لتخفيف مساوئ هذا التطور، فنقول: كل مواطن صحافي، لكن أيضاً كل مواطن مسؤول.
نعم، كل مواطن
منّا مسؤول تجاه محيطه، أسرته وزملائه وجيرانه ومجتمعه.
ومنصاتنا
الاجتماعية ليست ملكاً مطلقاً نفعل بها ما نشاء، وننشر من خلالها ما يحلو لنا.
في هذه الأزمة
الصحيّة التي نعيشها، سأعرض بعض السلوكيات التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية علينا
كأفراد يستخدمون وسائل التواصل (Facebook – Twitter – Instagram – WhatsApp…):
1- الحرص على
تلقّي الخبر من مصادره الرسمية (وزارة الصحة – المؤسسة الرسمية المختصة – وكالة
أنباء...).
2- التوثق من
أيّ خبر يصلنا من خارج دائرة المصادر الرسمية، وعدم اعتباره صحيحاً حتى نتأكد من
صحته.
3- وفي السياق،
عدم نشر أيّ خبر يصلنا، قبل التوثق من صحّته، فتتوقف عندنا الشائعة، ولا نكون
سبباً في توسيع دائرتها.
4- احترام
خصوصيات الآخرين، وعدم نشر أيّ خبر أو صورة يمكن أن تمسّ من خصوصية الآخرين.
5- توظيف المنصّات
(Platforms) التي نقوم عليها، للمساهمة
بالتوعية، فننقل عن مختصين توجيهات ونصائح معيّنة، سواء في المجال الصحي أو
التربوي أو الاجتماعي...
6- استثمار
الأصدقاء والجمهور الموجود على صفحاتنا للمساهمة في نشر ثقافة التكافل الاجتماعي،
فهذا أكثر ما نحتاجه في هذه الظروف المعيشية الصعبة.
7- التخفيف قدر
الإمكان، كلّ حسب أسلوبه، من حالة القلق الدائم والتوتر الذي نعيشه، وذلك خلال بث
الروح الإيجابية بين متابعي صفحاتنا، فالظروف الصعبة التي نمرّ بها تؤدي بالبعض
إلى حال من اليأس أو الاكتئاب. فلننشر الأخبار الإيجابية، ولنطرح أفكاراً جميلة
لاستثمار أوقاتنا في الحجر المنزلي، ولنبثّ الأمل قي نفوس من حولنا، ولنقدّم
مبادرات في مجال تخصصنا.
8- أخيراً،
أدعو إلى أن نحترم التخصّصات في العلوم، فلا نسمح لأنفسنا أن نقارع في ما لسنا أهل
تخصص به، كالجرأة في فتوى الأمور الدينية، أو اقتراح الوصفات الطبية وما شابه..
شئنا أم أبينا،
بات متاحاً لكل مواطن أن يمارس العمل الصحافي، لكن عليه أن لا ينسى أن: كل مواطن
مسؤول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق