8/13/2020

في تصوير العمل الإغاثي

بقلم: أيمن المصري

لقد استدعى #انفجار_بيروت الذي خلّف أضراراً جسيمة، اهتماماً خاصاً من الجمعيّات الخيريّة والمؤسسات الإغاثيّة في لبنان والخارج، وكما هو معروف فإن الجهات المانحة تشترط توثيق عمل الجمعيات خلال توزيع التقديمات، فتقوم الجمعية المنفذة بتصوير نشاطها الإغاثي والإنساني.

لكن يغيب عن بعض هذه الجمعيات اعتبارات إنسانيّة تتسبّب بالأذى النفسي لهذا الشخص المتضرّر/المنكسر، الذي جاء إلى مكان توزيع المساعدات خجلاً لاستلام حصة غذائية أو مساعدات عينيّة، فتقوم الجمعية بتصويره في هذا الموقف غير الكريم للنفس. وفي هذا جرح معنويّ للشخص، يضاف إلى جرح تضرّر منزله أو حاجته. وطبعاً الأمر ينسحب على تصوير المرأة والأطفال، حيث نجد بعض مصوّري الجمعيات يتفننون بتصوير الوجوه الحزينة وهي تتسلم المساعدات، أو لربما يطلبون من الطفل أن يضحك وهو يستلم مساعدة أو هدية ما!!


إلى الجمعيات التي تعمل في المجال الإغاثي، علينا أن نعيَ أن هذا الواقف أمامنا هو إنسان له كرامته وعزّة نفسه، وما جاء به إليكم إلا حاجته، وهو بالتأكيد غير مسرور بتصوير وجهه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ارحموا عزيز قوم ذلّ".. فكيف لو أخذنا بعين الاعتبار طبيعة المواطن اللبناني (ابن العاصمة) الذي لديه جرعة أعلى من عزّة النفس؟!

على الجمعيات الخيرية مراعاة هذه المسألة، والحرص على الموازنة بين التوثيق المطلوب (للجهة المانحة أو للمؤسسة نفسها) وبين احترام كرامة الإنسان المحتاج أو المتضرّر.. حيث يمكن تصوير عملية التوزيع من خلف ظهور المستفيدين، أو تصوير مشهد عام، أو تغطية الوجوه عبر "الفوتوشوب"... الخ.

ولقد شهدت منذ أيام موقفاً لعملية توزيع مساعدات تنفذها إحدى الجمعيات على لبنانيّين متضرّرين من الانفجار.. فإذا بأحد الواقفين في الطابور يطرق رأسه إلى الأرض يهرب من عدسة كاميرا المصوّر الذي يتصيّد اللقطات هنا وهناك. وقد شعرت بانكسار هذا الرجل الذي كان يعيش في تلك اللحظة هاجس أن يرى أبناؤه أو أصدقاؤه صورته منشورة في موقع ما، وهو يقف في الطابور ينتظر استلام حصة غذائيّة.

مشكور جهدك الإنسانيّ الكبير يا الجمعيات الإغاثية.. لكن رأفة بكرامات الناس.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق