10/17/2020

عام على إسقاط الهالة عنهم..

بقلم: أيمن المصري
مع مرور العام الأول على انطلاقة ثورة #17تشرين، نستعيد اليوم ذكريات تلك المرحلة\الحلم، بما تخللها من فعاليات وأحداث.. فننشر صور مشاركاتنا فيها، ويغمرنا شعور الاعتزاز أننا كنا جزءاً من هذا الحراك الوطنيّ الصادق، رغم الإخفاق في تحقيق أهدافه الأساسية.

جميل هذا الاحتفاء، لكن الأهمّ من هذا أن نجعل المناسبة محطة للتقييم، سواء على الصعيد الشخصي لكل واحد منا، أو على صعيد مجموعات الثورة التي تنوّعت مشاربها وتعدّدت أهدافها.

وبهذه المناسبة، أسمح لنفسي بتسجيل بعض الملاحظات:

1- نعم صحيح لم تحقق الثورة هدفها الأساسيّ وهو إسقاط منظومة السلطة الفاسدة، لكنها في المقابل أسقطت الهالة عن تلك الأصنام الحزبية في أعين المواطنين، فتحلّوا بالجرأة لمواجهة "#كلن_يعني_كلن"، إلى درجة أن الثوار قاموا بتعليق المشانق لهم، .فضلاً عن أنّ الانتماء الحزبيّ بات مذمّة.. هذا إنجاز مهمّ يبنى عليه، فلا نسمح للإحباط أن يغزو نفوسنا.



2- ما نتعلمه من تجربة السنة الأولى، ضرورة التحلّي بالواقعية وتجنّب المطالب المثاليّة والشعارات الرنانة، فمنظومة السلطة في لبنان متجذرة، وعملت خلال ثلاثين سنة على تثبيت أركانها في مختلف مفاصل الدولة ومؤسساتها. وليس من السهل إسقاط ذاك الكيان الذي يقوم أساساً على شريحة ليست قليلة من المنتفعين، الذين سيستشرسون - بطبيعة الحال - في الدفاع عن منافعهم الشخصية، التي سيخسرونها لو سقطت تلك الأحزاب.

3- علينا أن نعترف بأنّ أحزاب السلطة لديها من الإمكانات والخبرة ومن العناصر البشرية المدرّبة والمغطاة أمنيّاً، فضلاً عن تسليح بعضها.. ما يجعلها تتفوق بمراحل على الثوار. وبرأيي المتواضع، الرحلة طويلة، والتغيير يتحقق بنشر الوعي بين المواطنين، عن أهمية التحرّر من التبعيّة العمياء لزعيم الحزب أو الطائفة وتغليب المصلحة الوطنية. وكلما نجحنا في تحرير أفراد من هذه العصبيّة الحزبية والطائفية، حققنا خطوة في نخر جسد المنظومة، وصولاً إلى إسقاطها.

4- لا يحق لنا توجيه اللوم إلى من هاجر من المواطنين، فظروف الناس صعبة جداً، ومن فقد عمله عليه أن يبحث عن رزق أسرته، وهذا هو همّه الأول.

5- القوى الخارجيّة لا يمكن التعويل عليها، فإذا كانت في لحظة معيّنة مع الثورة، فقد تفاجأ أنها في يوم آخر تعقد تسوية مع أحزاب السلطة، لأنّ الدول والأحزاب تحركها مصالحها الشخصية وليس مصلحة الوطن أو الحقوق الإنسانيّة.

6- الانتقائية في تقييم أحزاب السلطة لا ينفع، وسيدخلنا في نزاعات داخلية. فإما أن ترفض كل الأحزاب المشاركة في السلطة أو أن تقبلها جميعاً.

7- أبشع ما مارسته بعض أحزاب السلطة هو فعل تخوين للمشاركين. وهذا يدلّ على آحادية فكرية تعيشها (أنا الصح والآخر خائن). وهذا التخوين بدأ ينقلب عليها.

8- كما أيّ مجتمع، ثمة مواطنون صالحون وآخرون فاسدون. وفي مجموعات الثورة أيضاً، ثمة مجموعات صادقة تعمل لمصلحة بلدها، وأخرى مرتزقة تحركها جهات هنا أو هناك. لذلك فالتعميم هنا خاطئ، فالأصل أنّ كل مواطن ثائر هو صادق يدعو لضرب لحياة آمنية في بلده، والبعض الوصوليّ أو المرتزق يشكل حالة استثنائية لا يمكن تعميمها.

9- وقعت بعض مجموعات الثورة في ما تعيبه على السلطة، من خطاب تخوينيّ للآخر وممارسات إلغائية. وهذا غير مقبول ويقوّض دعائم مشروع الثورة.

10- من المفيد جداً في هذه المحطة إطلاق حوار نقديّ وإنشاء مجموعات نقاش لدراسة التجربة، والبحث في نقاط الضعف والقوة.. لكن ثمة فرق كبير بين من ينقد للتطوير وتجاوز الثغرات، وبين من ينتقد للشماتة والتشفّي. لأن الثورة رغم سقطاتها وعيوبها، ورغم إخفاقها.. هي أفضل بكثير من بقاء منظومة الفساد الجاثمة على صدورنا، وهي التي أوصلت لبنان إلى هذا الحال من الانهيار.

11- أخيراً، من الظلم تحميل ثورة تشرين الانهيار المالي والاقتصادي الذي وصل إليه لبنان. فهذا الانهيار هو نتاج سنين طويلة من سياسة النهب والاقتراض من المصرف المركزي. فلا تسمحوا لإعلامهم أن ينشر هذه الدعاية، للتعمية على فسادهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق