6/04/2008

زوجتي والأحداث الأخيرة

بقلم: أيمن المصري

شهدت الساحة اللبنانية خلال الشهر الماضي منعطفاً سياسياً انعكس تدهوراً أمنياً خطيراً، أدّى إلى تعطيل الأشغال والمدارس، واضطر الأزواج إلى البقاء في منازلهم فترات طويلة.. تسمّروا خلالها أمام التلفاز بين مؤتمر صحافي وآخر.. ومن ملحق إلى موجز إلى بث مباشر..
وبعد أن كنا قد نسينا أجواء الحروب وظروفها المعيشية القاسية، فقد فرضت علينا حرب ممن كان يفترض أنهم نذروا أنفسهم وسلاحهم لحماية بلدنا وأبنائه، فإذا بهذا السلاح ينزلق ليتوجه إلى صدور أبنائه أنفسهم!
ومع أننا عايشنا معارك داخلية عديدة قبل هذه، لكن على الصعيد الشخصي فهي الحرب الأولى التي يكون فيها وصف حالتي الاجتماعية: متزوج. ولذلك فقد كانت فرصة لأكتشف طباعاً لم أكن أعرفها في زوجتي.
معلوم أن معظم النساء لا تهتممن كثيراً بمتابعة الأخبار أو البرامج السياسية، وأحسب أن هذه نعمة من الله كبيرة تستحق الحمد والشكر، وذلك كي يتسنى للرجال التركيز في متابعتها بهدوء وسكينة.. فالزوجة في الغالب عندما يحين وقت الأخبار تقوم إلى قضاء بعض أعمال المنزل، أو.. قد تجدها فرصة لإنجاز ما فاتها من فروض المسامرات الهاتفية مع زميلاتها.
رضينا بقضاء الله، شرط أن نهنأ بمتابعة التغطية الميدانية لبطولات رجال المقاومة في شوارع بيروت والمؤتمرات الصحفية التي كانت عبارة عن إعلان البيان رقم (1).
لكن أزمة اجتماعية جديدة برزت بسبب الضغوط النفسية التي نتجت عن الأحداث الأخيرة، والفراغ الذي عاشته زوجتي بعد تعطيلها القسري عن عملها.. كل هذا كان سبباً في ظهور موهبة جديدة عندها، وهي فنّ التهديد والوعيد لخصمها السياسي المسؤول أو القائد أو حتى الحزب، تليه دعوة تهدّ منها الجبال بصوت مرتفع.. وذلك كلما ذكر اسمه في نشرة إخبارية أو بثت صور لأفعال زعرانه في الشارع. والويل له إذا افترى على نفسه وعقد مؤتمراً صحافياً.. فإن وتيرة الشتيمة ترتفع أكثر وأكثر.
وبغضّ النظر إن كان ذاك الخصم يستأهل شتائم زوجتي ونقدها اللاذع أم لا – والحق يقال إنه يستأهل أن تتفرغ للدعاء عليه في ليلة القدر - لكن النتيجة أنك بدل الاستماع إلى الأخبار فإنك ستشنّف أذنيك بنشرة للدعوات العابقة بعبارات التهديد.
وبما أنني من المؤمنين بضرورة إعطاء المرأة حقها في التعبير، ولا يمكن بأيّ حال منعها من إبداء رأيها.. فضلاً عن أنه لا يليق إسكاتها.. فقد أوصينا بالرفق بالقوارير..
أمام هذا الواقع وجدتني مندفعاً – على كره منّي - لفكرة التقسيم مع المركزية الإدارية، حسب نظام الفيدرالية.. وهو أن يكون لكل منا تلفزيون في غرفة منفصلة يتابع عليه ما يشاء ويطلق العنان لردّات فعله.. مع بقاء سلطتي على كامل مساحة المنزل.
لكن، بعد دراسة المشروع، وحرصاً على اللحمة الأسرية، وتداركاً للمخاطر التي تنتج عن تمتع بعض الشعوب بطعم الحرية والاستقلال، فتفسد بعدها.. فقد اخترت أخفّ الضررين، وذلك بمنعها من المكوث أو المرور عبر الغرفة خلال نشرة الأخبار، وأحياناً تكليفها بمهام يستدعي إنجازها وقتاً طويلاً.. وبذلك أكون قد حفظتها من إثم زلات لسانها، وأكسبتها أجر طاعة زوجها..
إنه دين الرحمة.. وصلّى الله عليك يا رسول الله.. فقد أوصيتنا بأن نكرمهنّ ونحسن معاملتهنّ.. فهل من يقدّر؟!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق