بقلم: أيمن المصري
أستكمل في هذه الحلقة مع لفتات جديدة حول أداء المكاتب الإعلامية في الساحة الإسلامية في لبنان.
النشر المذموم
1- كنا نعاني من مشكلة التقصير الإعلامي في عملنا الإسلامي، لكن كما يقولون "الزائد أخو الناقص"، نقع أحياناً في الترويج المذموم. معلوم أن كل "هيئة" تعقد لقاءات تنظيمية أو إدارية داخلية خاصة.. هذا النوع من اللقاءات لا يمكن نشره، المعيار في النشر ليس مجرد توفّر الكاميرا وكتابة الخبر فقط، بل المصلحة من النشر. المجالس بأماناتها، ليس كل حراك يصلح للنشر، ولكل مقام خصوصيّته.
2- حين ترسل "الهيئة" كل نشاط تقيمه – صغُر أو كبُر – بشكل دائم إلى وسائل الإعلام، فإن قسم التحرير مع الوقت سيهمل أيّ مادة تصله من هذه الجهة، لأنه فتح بريدها أكثر من مرة ووجد الخبر لا يستأهل النشر.. فيعتاد أن يتجاهل بريدها.
3- تتعدد وسائل الدعاية لحملة أو فعالية ما، من الإعلان التلفزيوني والإذاعي والمكتوب، إلى المواد المطبوعة (البوسترات والمنشورات)، فضلاً عن وسائل التواصل الإلكتروني التي سهّلت عملية الترويج والنشر.. لكن علينا الانتباه إلى أن كل وسيلة لها جمهورها، فنختار وسائل الدعاية بحسب مستوى النشاط والجمهور المستهدف. قد تكون لدينا مناسبة رسمية، فإذا نشرنا الدعوة عبر وسيلة إعلانية عامة (لافتات في الشوارع – جريدة إعلانية – بوستر مسجد – فلايرز - واتسآب...)، فهذا سيقلّل من خصوصيّة المناسبة، وقد يدفع بعض الشخصيات المدعوّة لعدم تلبية الدعوة. ولنقِس على ذلك.
4- تتنوّع الأنشطة لدى الهيئات الإسلامية، فمنها السياسي والثقافي والاجتماعي والشبابي، وهي في سبيل رفع الجانب الروحي لدى أفرادها تنظم جلسات تعبّدية.. هذا النوع من اللقاءات ليس نشاطاً عاماً يصلح للتصوير والنشر، حتى في المنابر الخاصة. علينا أن نراعي خصوصية هذه اللحظات الاستثنائية بين العبد وربه.
1- في بلد يتمتع بالحرية الإعلامية المفتوحة مثل لبنان، ويعيش اصطفافات سياسية وحزبية ودينية.. تلجأ أحياناً وسائل إعلام إلى تشويه صورة شخصية سياسية أو دينية أو صورة "الهيئة" نفسها، من خلال نشر أخبار مغلوطة، عن سوء نيّة أو لربما عدم اطلاع. وهنا علينا عدم تجاهل هذا الأمر والقيام بالردّ على ما نشر، لأسباب عديدة:
• في حال عدم نشر أيّ ردّ في الصحيفة – أو الوسيلة الإعلامية – نفسها، فإن الاتهام يتحوّل حقيقة يستند إليها.
• الردّ يقطع الطريق على انتشار الشائعات والبناء على الخبر وتضخيمه.
• إن عدم الردّ يثير غضب أبناء "الهيئة"، لأنهم باتوا محلّ نقد وتهكّم من الآخرين.
• تأكيد على احترام الهيئة لوسائل الإعلام.
• تأكيد على احترام الرأي العام.
2- علماً أن قانون المطبوعات في القانون اللبناني يلزم الوسيلة الإعلامية بنشر الردّ.. وإلا فإن من حق "الهيئة" رفع دعوى قضائية على الصحيفة أو القناة بجرم القدح والذمّ.
3- في صياغة الردّ، ينبغي تجنّب الانفعال وتجاوز الاستدراج والتركيز على الحقائق والمعلومات، فهذا ما يهمّ الرأي العام. فضلاً عن أن الانفعال سيضرّ بصورة "الهيئة"، وقد يفتح الباب على الوسيلة الإعلامية باستغلاله لمزيد من تشويه الصورة.
4- قد يكون من المفيد أن يكون الردّ من خلال زيارة لإدارة المؤسسة الإعلامية أو الصحفي المعنيّ، وتسليمه الردّ بشكل شخصي، وهذا أدعى لفتح علاقات وتوطيدها مع الجسم الإعلامي.
طلب تغطية نشاط
1- عند دعوة وسائل الإعلام لتغطية نشاط ما، لا ينبغي الاكتفاء بإرسال الدعوة عبر البريد الإلكتروني، بل يفضّل أن يتبعها اتصال بقسم التحرير أو قسم التغطيات في الوسيلة الإعلامية، للتأكد من استلام الدعوة وللتأكيد على الحضور. هذا الإجراء أدعى أن يدفع الوسيلة الإعلامية للتغطية.
2- تكليفات المراسلين بالتغطيات تكون قبل يوم النشاط مساءً وليس عند صباح كل يوم، لاسيما في المحطات التلفزيونية. وعليه، من الأفضل إرسال طلب التغطية قبل ثلاثة أيام، ومرة ثانية قبل يوم للتأكيد والتذكير.
3- مما يجذب وسائل الإعلام للتغطية هو مشاركة شخصية مهمة في المؤتمر (مثلاً)، أو إطلاق موقف سياسي ما خلال النشاط، أو لربما إذا كانت هذه "الهيئة" هي بحدّ ذاتها حالة استثنائية جاذبة، وهذا غير حاصل في الحالات الطبيعية لساحتنا الإسلامية. لذلك، لنجتهد في التفنن لجذب اهتمام مسؤول المراسلين للنشاط كي يصدر أمر التكليف. على المسؤول الإعلامي هنا أن يضع نفسه مكان الصحفي. وحينها ينبغي الإشارة في طلب التغطية أن المسؤول الفلاني سيعلن موقفاً في ملف ما، أو أن النشاط هو برعاية شخصية رسمية (وزير – مفتي – مدير عام...)، ما قد يغري الوسيلة الإعلامية للحضور.
4- إذا كان ثمة خصوصية معيّنة في برنامج المؤتمر، كجلسات خاصة يمنع الإعلام من حضورها، أو موعد محدّد للجلسة الختامية... الخ، يفضّل الإشارة إلى هذا في طلب التغطية. فكثيراً ما كان يحضر مراسلون للتغطية خلال جلسة خاصة لمؤتمر ويمنعون من الدخول. ثم لا يعودون في الجلسة الختامية.
5- تذييل طلب التغطية باسم ورقم شخص يمكن للمراسل أن يرجع إليه، فلربما أضاع مكان النشاط أو احتاج معلومة إضافية عن البرنامج.
6- من المفيد أحياناً التواصل المباشر مع المراسل لتخبره عن النشاط وأهميته، فيقوم المراسل بإقناع مسؤول العمليات بالموافقة على التغطية. بالنهاية أنت توفر للمراسل مادة ليعمل عليها ويتقاضى أجرها.
المادة الإعلانيّة
1- بعض الجمعيات الإسلامية تكتب على ملصق (بوستر) جرى نشره على الطرقات أو في إعلان جريدة يدعو لحضور نشاط، أن "الدعوة عامة". والأمر مستغرب، فهل يمكن أن تدعو عموم الناس عبر وسيلة عامة وتكون الدعوة خاصة؟ الدعوة الخاصة تكون من خلال بطاقة تصل باسم المدعوّ، أما والدعوة قد جرى نشرها عبر وسيلة عامة فمن الطبيعي أن تكون عامة.
2- تتصدّر بعض المواد الإعلانية للأنشطة البسملة "بسم الله الرحمن الرحيم". لا يخفى علينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) فهو أبتر"، لكن هل يشترط بالبسملة إثباتها كتابة؟ وهل كتابتها واجبة مطلقة على كلّ عمل؟ أحسب أن الإسقاط هنا غير عمليّ، فضلاً عن أننا نعلم أن كثيراً من المواد الإعلانية المطبوعة يجري تمزيقها أو رميها، والأفضل عدم تضمينها ذكر الله. والله أعلم.
3- تعتمد بعض الهيئات الإسلامية التاريخ الهجري – أو الهجري ثم الميلادي - في مطبوعاتها، تمسّكاً بـ "هويتها الإسلامية". وأقول: نحن نعيش في بلد تعارف أهله على اعتماد التاريخ الميلادي في كل شؤونهم الحياتية. والتاريخ – كما أعلم – ليس أمراً تعبّدياً أو عقدياً بل اجتهاد بشري تفصيلي. فلماذا نفصل أنفسنا عن المجتمع في المسائل الاجتماعية الحياتية؟ والله أعلم.
4- في الإعلان عن موعد نشاط يُذكر: "بعد صلاة العشاء أو المغرب". وهذا موعد مطّاط غير محدد يفتح الباب للتراخي، ويعطي انطباعاً بعدم اهتمام الهيئات الإسلامية بالوقت. فـ "بعد صلاة العشاء" يمكن أن يكون بعدها بخمس دقائق أو نصف ساعة أو حتى ساعة. واحتراماً لوقت الناس يستحسن تحديد موعد واضح.
5- تذيّل بعض المواد الإعلانية للأنشطة عبارة "يوجد مكان مخصص للنساء"، وأرى في هذا استخفافاً بالمرأة وكأنها صنف آخر من البشر. هذه العبارة يمكن أن تكون ذات قيمة في الفعاليات التي تقام في المساجد فقط، حيث قد يتمّ التساؤل إن كانت السدّة مفتوحة للنساء، لكن إذا كان النشاط محاضرة أو مهرجاناً أو ندوة في مكان عام، فما الفرق هنا بين الرجل والمرأة؟ من قال أن الأصل في الحضور هم الرجال دون النساء؟ ولماذا تخصيص مكان للمرأة بحيث يشعر المرء وكأنه سيجري إجلاسها في زاوية خلفية من القاعة؟ وبالمناسبة، فإن حضور النساء في الفعاليات العامة ينافس الرجل، بل أحياناً يفوقه.
(يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق