بقلم: أيمن المصري
يميل الإنسان في بداية شهر رمضان المبارك لأجواء العزلة والرهبنة، فيعلن البعض اعتزاله صفحات التواصل الاجتماعي، أو امتناعه عن المشاركة في إبداء الرأي في ما يجري حولنا، أو التوقف عن سماع الأخبار والبرامج السياسية.. بذريعة أنه يتفرغ لموسم العبادة.
وأحسب أن في هذا تحويراً لمقاصد الصيام. فصحيح أن شرعنا الحنيف قد حثنا على تجنّب لغو الكلام والإكثار من العبادات في شهر رمضان لأن الأجر فيه مضاعف.. لكن هل يمكن اختزال "العبادة" بالصلاة والصيام وتلاوة القرآن والذكر وصلاة التراويح؟ وبعضها بلا شك من أركان الإسلام ولا يصحّ إسلام المرء بدونها.. لكن مفهوم العبادة أوسع من هذا، وواجباتنا الدينية لا تتوقف عند العبادة بين العبد وخالقه.
هل نتوقع أن يكون مطلوباً منا أن نتفرغ للذكر وتلاوة القرآن في شهر رمضان، ولا نهتمّ مثلاً لما يجري لأهلنا في سوريا من إجرام يمارسه النظام السوري بحق شعبه؟ يا فرحته بنا إذن..
ويا فرحة حزب الله الذي يشارك في قتل الشعب السوري، وينتهك أمننا الاجتماعي والوطني في لبنان.. ليهنأ بنا وقد اعتزلنا متابعة الأخبار وإنكار ما يرتكبه.
ولتهنأ الفصائل "الداعشية" التي تقتل وتفجّر باسم الإسلام، فالمسلمون غطّوا في عزلتهم لشهر كامل، دون أن يطلع بينهم من يقول: هذا ليس من الإسلام.
رسولنا الكلام صلى الله عليه وسلم قال: "من أصبح ولم يهتمّ لأمر المسلمين فليس منهم".. وهو لم يطلب منا بحال أن نعتزل وننطوي على أنفسنا، حتى في شهر رمضان.
ومع كل التقدير للفعاليات الرمضانية التي تنظمها الجمعيات الإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني تعظيماً لهذه الشعيرة، ومع الحرص على المشاركة فيها، لكن هذا لا يجب أن يصرفنا عن واجبات أخرى، منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - بمراتبه المعروفة - والتفاعل مع قضايا أمتنا.
إن ديننا الحنيف يدعونا لعدم التقوقع بل مخالطة الناس ودعوتهم، وإن إسلامنا ليس مجرد طقوس وعبادات بين العبد وخالقه فقط.. بل كل منا يقف عند مسؤوليات وواجبات تجاه مجتمعه سيسأله الله عنها.
وصدق رسولنا الكريم حين قال: "لا رهبانية في الإسلام".
تقبل الله أعمالكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق