3/11/2016

إعلام الحركة الإسلاميّة في لبنان.. إلى السياسة دُر!


بقلم: أيمن المصري
منذ بدايات نشوء الحركة الإسلامية في لبنان مطلع الخمسينيات، أولت الحركة اهتمامها بالعمل الإعلامي – لاسيما المكتوب – لما له من دور أساسيّ في نشر رسالتها والتعريف بفكرها في المجتمع اللبناني، فأصدرت مجلة "الفجر" عام 1957 و"الثائر" عام 1958، وعندما اندلعت أحداث سنة 1958 أنشأت إذاعة "صوت لبنان الحر"، ثم أصدرت أول مجلة أسبوعية "المجتمع" عام 1959 واستمرت حتى 1965. وبعد نيلها الترخيص الرسمي عام 1964، أصدرت الجماعة الإسلامية مجلة "الشهاب" عام 1966، ورأس تحريرها الأستاذ إبراهيم المصري.
ولقد أتاحت مساحة الحرية التي كان يتمتع بها لبنان في فترة الستينيات، أن صدّرت لبنان ليكون المنبر الصحفي الأبرز للحركة الإسلامية في العالم العربي، بعد أن حكمت الأقطار العربية أنظمة استبدادية، ضيّقت على العمل الإسلامي.
وفي عام 1994 صدرت مجلة الأمان السياسية وما زالت تصدر حتى الآن.. ثم تنوّعت الإصدارات الصحفية المكتوبة لأقسام العمل في الجماعة، كالعمل النسائي أو الطلابي. ومع بداية التسعينيات خاضت الجماعة في لبنان تجارب عديدة في الإعلام المسموع، في صيدا وبيروت وطرابلس، لتتوّج بإذاعة رسمية تحت اسم إذاعة "الفجر".

وهكذا، فرغم التضييق الذي عانته الحركة الإسلامية، سواء في مرحلة الهيمنة الناصرية ثم السورية، فقد استطاعت الجماعة أن تقدّم أداءً جيداً في الإعلام المكتوب والمسموع، وقد استفادت من هذه التجارب الحركات الإسلامية في الأقطار الأخرى.

في الإعلام الخاص
إلى جانب المؤسسات الإعلامية المتخصصة التي تحرص الأحزاب والجهات الدعوية على امتلاكها لنشر أفكارها والتوعية والترويج لمشاريعها والتواصل مع مناصريها والجمهور بشكل عام.. تبرز أهمية الإعلام الخاص، الذي لا يمكن الاستغناء عنه، ليؤدي أدواراً مهمة، أذكر منها فيما يخص الحركة الإسلامية:
1. توفير حضور الجماعة في المناسبات، على اختلافها.
2. تظهير مواقف الجماعة للرأي العام.
3. تظهير حراك الجماعة وأنشطتها في مختلف المجالات.
4. تحسين الصورة الذهنية عن الجماعة، لاسيما أمام حملة التشويه التي يتعرض لها العمل الإسلامي.
5. ضمان التزام المؤسسات الإعلامية التابعة للجماعة بالسياسة التحريرية المعتمدة.
6. إعداد الخطط الإعلامية للحملات المركزية للجماعة.
وهكذا نرى أن الإعلام الخاص مطلوب منه أن يخدم أقسام الجماعة على تنوّعها، فهي ليست حزباً سياسياً بل مؤسسة دعوية تتعاطى مختلف مجالات العمل العام في المجتمع اللبناني.


دخول العمل السياسي
مما لا شك فيه أن خوض الجماعة غمار العمل السياسي أثّـر على العمل الإعلامي، حيث فرضت عليه الاستحقاقات السياسية والأحداث الأمنيّة أن يوليها متابعة واهتماماً استثنائياً.. فاتجه الاهتمام الإعلامي نحو السياسة أكثر، وهذا طبيعي.
ونظراً لقناعة قيادة الجماعة بأهمية الإعلام في تأمين الحضور وتظهير حراكها في المجتمع اللبناني، فقد أفردت للإعلام حقيبة مستقلة في مؤسساتها الإدارية في المناطق.

وبعد هذا السجلّ العريق للعمل الإعلامي للجماعة في لبنان، يتعرض إعلامها اليوم لضربة مؤذية، حيث جرى تسييس العمل الإعلامي من خلال تكريسه نظامياً منضوياً تحت الإدارة السياسية، فألغيت الحقائب الإعلامية في المكاتب الإدارية، وبات الإعلام ملحقاً بالسياسة. وفي هذا الإجراء الإداري انعكاسات سلبية عديدة، أذكر منها:
• غلبة الحضور السياسي لدى الرأي العام على حساب المجالات الأخرى التي تعمل فيها الجماعة، وهذا سيؤثر بلا شك على صورة الجماعة.
• تراجع حضور الجماعة بهويتها الأساسية كمؤسسة دعوية تتعاطى الشأن العام.
• مع غياب المسؤول الإعلامي عن حضور لقاء المكتب الإداري لمحافظته، فقد بات غائباً بالتالي عن متابعة ومواكبة أنشطة الجماعة المتنوعة ومعرفة أهدافها وظروف كل منها، وبالتالي لن ينجح في تنفيذ مهمته: ابتكار أفكار ووسائل لتظهير حراك الجماعة إعلامياً. وسيطّلع المسؤول الإعلامي على المناشط العامة للجماعة من البوابة السياسية. وهذا غير منصف.
• مع انضواء العمل الإعلامي تحت السياسة، فإن المسؤول السياسي سيعمل – لا شعورياً - على توجيه العمل الإعلامي بما يخدم العناوين السياسية، وهو إذا كان متخصصاً في السياسة، فلن يستطيع خدمة الأنشطة الدعوية أو الطلابية أو الاجتماعية، لعدم ضلوعه فيها، وبالتالي لن يتحقق الهدف الأول من وظائف الإعلام: توفير حضور الجماعة عند المناسبات لدى الرأي العام.
• إرباك إداري في التنسيق بين الأقسام – بمختلف تخصصاتها المتنوّعة – وبين قسم الإعلام.

ونختم فنقول: إن الحركة الإسلامية في لبنان ليست حزباً سياسياً، بل مؤسسة دعوية تتعاطى الشأن العام، ومنه السياسة. فهل يا ترى سيساهم هذا الإجراء الداخلي في تطوير الأداء الإعلامي للجماعة، أم يعيده خطوات إلى الوراء؟

الإجابة متروكة للأيام.. ولآرائكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق